بعد التصديق النهائي من مجلس النواب على تعديلات قانون الإيجار القديم، تصاعد الجدل في الشارع المصري حول مصير العلاقة بين المالك والمستأجر، وسط قلق متزايد من مصير العقود القديمة التي تفرض التزامات مالية باتت لا تواكب الواقع الاقتصادي، خصوصًا تلك التي لا تزال بقيمة 250 جنيهًا شهريًا أو أقل، وهي إيجارات كانت تُعد مرتفعة في الماضي، لكنها اليوم لا تغطي حتى الحد الأدنى من تكلفة السكن في أبسط المناطق الشعبية.
قانون الإيجار القديم
تحولت الإيجارات التي لا تزال تُحصَّل بهذه القيمة الزهيدة، إلى محور الجدل الأبرز عقب إقرار القانون، حيث يرى كثير من الملاك أن بقاءهم على هذا الوضع يمثل ظلمًا تاريخيًا فُرض عليهم لعقود، خاصة أن تلك الشقق تقع في مواقع متميزة داخل المدن أو الأحياء الراقية، في حين أن أسعار العقارات والخدمات تجاوزت حدود المعقول، مما جعل تحصيل 250 جنيهًا أو ما دونها أمرًا غير منطقي – على حد وصفهم.
زيادة القيمة الإيجارية
في المقابل، أعرب مستأجرون عن خشيتهم من أن تقود التعديلات إلى زيادات مفاجئة تتجاوز طاقتهم، مشيرين إلى أن دخولهم الشهرية لا تسمح بتحمل أعباء إضافية، لا سيما مع الغلاء العام في مختلف مناحي الحياة.
وتزداد حدة المخاوف لدى المستأجرين الأكبر سنًا، أو محدودي الدخل، الذين يرون في الإيجارات القديمة صمام أمان للسكن الكريم وسط ظروف اقتصادية ضاغطة.
ويهدف القانون المعدّل إلى إنهاء حالة الجمود التشريعي التي استمرت لعقود، ويسعى لإعادة التوازن إلى العلاقة التعاقدية، مستندًا إلى معايير متعددة لتقدير القيمة الإيجارية العادلة، تشمل موقع العقار، وحالته الإنشائية والخدمية، ونوع استخدامه سواء كان سكنيًا أو تجاريًا أو إداريًا، وتم إسناد مهمة التصنيف ووضع أسس التقييم إلى لجان مختصة بالتعاون بين وزارتي الإسكان والتنمية المحلية، لضمان النزاهة والعدالة في التطبيق.
التدرج في زيادة الإيجار القديم
رغم أن التعديلات تفتح الباب أمام تصحيح تشوهات السوق العقاري، إلا أن الأصوات المتخوفة من اضطرابات اجتماعية دفعت عددًا من النواب والخبراء إلى طرح حلول بديلة لتقليل حدة الصدام، من بينها تطبيق التحرير التدريجي للإيجار على عدة سنوات، وتقديم برامج دعم مباشر لغير القادرين على دفع القيمة الجديدة، إلى جانب مقترح تمليك الشقق للمستأجرين الراغبين بأنظمة تقسيط ميسرة.
ويُنظر إلى القانون باعتباره خطوة إصلاحية تأخرت كثيرًا، لكنه يحمل في طياته اختبارًا صعبًا للحكومة لضمان تطبيق عادل ومتوازن، لا يضر بمصالح محدودي الدخل، ويُنهي في الوقت ذاته معاناة آلاف الملاك الذين طال انتظارهم لتحقيق العدالة في سوق الإيجارات.