السجن 4 سنوات لرجلين قطعا شجرة عمرها 200 عام في بريطانيا


الاربعاء 16 يوليو 2025 | 06:39 صباحاً
شجرة سيكامور غاب
شجرة سيكامور غاب
وكالات

أصدرت محكمة بريطانية بمدينة نيوكاسل، امس، حكما بسجن رجلين لمدة 4 سنوات وثلاثة أشهر لكل منهما، بعد إدانتهما بارتكاب جريمة أثارت موجة واسعة من الغضب والذهول داخل بريطانيا وخارجها، تمثلت في قطع شجرة "سيكامور غاب" التاريخية، إحدى أبرز الرموز الطبيعية والثقافية في البلاد.

وبحسب ما أعلنت المحكمة، فإن المتهمين دانيال غراهام (39 عامًا) وآدم كاروثرز (32 عامًا)، قاما بتنفيذ الجريمة مساء يوم 27 سبتمبر 2023، بعد أن خططا لها مسبقًا، حيث توجها إلى الموقع القريب من جدار هادريان الأثري شمال إنجلترا بسيارة من نوع "رينج روفر"، وقطعا جذع الشجرة باستخدام منشار كهربائي خلال دقائق معدودة.

وألحق فعلهم أضرارًا ليس فقط بالشجرة، بل أيضًا بجزء من جدار هادريان، المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

الشجرة، التي يُقدّر عمرها بين 150 و200 عام، كانت تُعد معلمًا وطنيًا وعاطفيًا في الوعي الجمعي البريطاني.

واشتهرت عالميًا بعد ظهورها في مشهد بارز من فيلم "روبن هود: أمير اللصوص" عام 1991، من بطولة كيفن كوستنر ومورغان فريمان، فضلًا عن كونها موقعًا مفضلاً لالتقاط الصور العائلية وصور الزفاف.

وحازت لقب "شجرة العام" في إنجلترا عام 2016، مما زاد من قيمتها الرمزية في الذاكرة البريطانية.

ووصفت القاضية كريستينا لامبرت، في حيثيات الحكم، الجريمة بأنها "صادمة ومؤلمة، وتحمل قدرًا كبيرًا من التخطيط المتعمد"، مشيرة إلى أن الشجرة لم تكن مجرد نبات ضخم، بل رمز بيئي وتاريخي عميق الجذور، ارتبط بوجدان أجيال من البريطانيين.

وأضافت المحكمة أن المتهمين تسببا في أضرار مادية قُدرت بنحو 622 ألف جنيه إسترليني (ما يزيد عن 816 ألف دولار) نتيجة تدمير الشجرة، إلى جانب أضرار أخرى بقيمة 1144 جنيهًا لحقت بالجدار الأثري المحيط بها.

ورغم التحقيقات المطولة، لم يقدم أي من المتهمين مبررا واضحا لهذا العمل التخريبي، إلا أن فحص المراسلات الخاصة بينهما أظهر أنهما كانا يسعيان إلى جذب الانتباه و"الشهرة من خلال الجريمة"، حيث تبادلا رسائل احتفالية بالفعل، وكأنهما فخوران بما ارتكباه.

وفي أعقاب الحادث، وصفت وسائل الإعلام البريطانية ما جرى بأنه "جريمة ضد البيئة والتراث"، فيما قال كثير من المواطنين إن الشجرة كانت تمثل لهم "معلمًا للحب والجمال والهوية".

من جانبها، بدأت السلطات البيئية ومؤسسات الحفاظ على الطبيعة محاولات لإحياء الشجرة، حيث تم جمع بذورها وزراعتها في مواقع خاصة، وسُجلت في الأسابيع الأخيرة علامات نمو جديدة في جذع الشجرة الأصلي، ما يبعث أملًا بإمكانية إعادة زرع نسخ منها، وإن كانت استعادة القيمة الرمزية والجمالية الكاملة ستحتاج إلى عقود من الزمن.

وتُعد هذه الحادثة من أبرز القضايا البيئية التي شهدتها بريطانيا في السنوات الأخيرة، ليس فقط لما تمثله الشجرة من قيمة، ولكن بسبب الطابع المتعمد والعدمي للجريمة، ما يطرح تساؤلات واسعة حول الدوافع النفسية والاجتماعية لمثل هذه الأفعال التخريبية.