ظلت توقعات عائدات سندات الخزانة الأمريكية، مستقرة رغم تصاعد القلق بشأن ارتفاع حجم الدين العام ومخاوف التضخم الناتجة عن السياسات التجارية الجديدة.
وتوقع أغلبية كبيرة من خبراء واستراتيجيي السندات، بقاء العائدات ضمن نطاق ضيق خلال الأشهر المقبلة، في وقت يُنتظر فيه أن يتجاوز المعروض من السندات الطلب المتوقع، حسبما أظهر استطلاع أجرته وكالة رويترز.
وبحسب البيانات، من المنتظر أن يضيف مشروع قانون التخفيض الضريبي والإنفاق الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو 3.4 تريليون دولار إلى الدين العام الذي يبلغ حاليًا 36.2 تريليون دولار، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس.
وعززت التهديدات التجارية الجديدة -ومنها تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على واردات من المكسيك والاتحاد الأوروبي اعتبارًا من أغسطس المقبل- من ارتفاع علاوة الأجل، وهي التعويضات الإضافية التي يطلبها المستثمرون مقابل الاحتفاظ بالسندات لأجل أطول.
ومع توقع أن تقترب صافي إصدارات الخزانة من نصف تريليون دولار خلال هذا الربع، يواجه التمويل تحديات تتمثل في ارتفاع علاوات المخاطر وأسعار الفائدة.
وبيّن استطلاع «رويترز» الذي أُجري بين 10 و15 يوليو أن 77% من المشاركين (23 من أصل 30 خبيرًا) يتوقعون تراجع الطلب مقارنةً بالمعروض من سندات الخزانة خلال الربعين الجاري والمقبل.
وأشار المشاركون إلى أن تقديرات العائدات خلال العام الماضي كانت تميل للمبالغة في توقع تراجع العوائد.
وقال كونور فيتزجيرالد، مدير محفظة الدخل الثابت في «ويلينغتون مانجمنت»، إن أسعار الفائدة قد ترتفع هيكليًا بمرور الوقت إلى أن تصبح عبئًا على الاقتصاد الفعلي أو تضطر الإدارة الأمريكية إلى كبح جماح الإنفاق وضبط الميزانية، مضيفًا أن ذلك التمويل سيكون متاحًا لكنه سيحمل تكلفة أعلى مع مرور الوقت.
في السياق ذاته، يرى عدد من الاستراتيجيين أن قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة يظل عاملاً أساسيًا في بقاء عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند مستواه الحالي البالغ نحو 4.42%، مع توقعات بانخفاض طفيف إلى 4.40% بحلول نهاية سبتمبر ثم إلى 4.30% بنهاية العام.
وقال جيسون ويليامز، مدير أبحاث أسعار الفائدة الأمريكية في «سيتي»، إن العائدات ستظل تتحرك في نطاق محدود خلال الأشهر المقبلة، موضحًا أن هناك حدًا لهبوط العائدات وحدًا آخر لارتفاعها، خاصةً مع المخاطر المرتبطة بارتفاع التضخم إذا بدأت الرسوم الجمركية في التأثير المباشر على الأسعار.
ويتوقع المحللون أن يؤدي التضخم إلى زيادة الضغوط على الإنفاق الاستهلاكي، ما قد يدفع بعض الشركات إلى تمرير التكاليف الإضافية للمستهلكين، وهو ما اعتبره ماثيو فيجاري، رئيس الأبحاث في «كليرووتر أناليتيكس»، عاملًا قد يعجّل بتباطؤ النمو إذا لم تتمكن الشركات من امتصاص ضغوط التكلفة.
ويُتوقع أن يتراجع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، الحساسة لتوجهات أسعار الفائدة، من مستواه الحالي البالغ 3.90% إلى 3.63% بنهاية العام، مما قد يؤدي إلى انحدار منحنى العائد وزيادة الفارق مع العائد على السندات لأجل عشر سنوات إلى 67 نقطة أساس مقارنةً بـ 50 نقطة حاليًا.