في إطار جهود الدولة لتعزيز مبادئ الشفافية والاستدامة في سوق المال، شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في الجلسة النقاشية التي نظمتها غرفة التجارة الأمريكية في مصر تحت عنوان "حوكمة الشركات كمحفز لنمو الأعمال"، وذلك بمشاركة نخبة من المتخصصين في مجالات القانون والاستثمار والتنمية المستدامة، لمناقشة سبل تعزيز الحوكمة كأداة استراتيجية لتحفيز النمو المستدام وتحقيق الكفاءة المؤسسية.
وأكد الدكتور محمد فريد خلال كلمته أن الحوكمة لم تعد مجرد التزام شكلي تفرضه القوانين، بل أصبحت أداة فعالة لتعزيز الأداء المؤسسي وتحقيق النمو المستدام داخل الشركات، مشيرًا إلى أن الهيئة قطعت شوطًا كبيرًا في تطوير منظومة الحوكمة في مصر منذ بدء صياغة إطار فعّال لها عام 2004، وإصدار أول دليل مصري للحوكمة عام 2005 بالتعاون مع معهد المديرين، استنادًا إلى مبادئ منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD).
وأوضح رئيس الهيئة أن نطاق تطبيق الحوكمة توسع ليشمل كافة المؤسسات المالية غير المصرفية الخاضعة لإشراف الهيئة والتي يصل عددها إلى نحو 3500 مؤسسة، تضم شركات التمويل متناهي الصغر، وجهات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وصناديق التأمين الخاصة، وكافة الجهات العاملة في الأنشطة المالية غير المصرفية، إلى جانب الشركات المقيدة بالبورصة المصرية.
واستعرض الدكتور فريد عددًا من المبادرات التنفيذية التي أطلقتها الهيئة لدعم مبادئ الحوكمة، من بينها إلزام الشركات بتخصيص تمثيل نسائي داخل مجالس الإدارة، وإطلاق قاعدة بيانات بالتعاون مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة لتأهيل السيدات لشغل عضوية المجالس، إضافة إلى إلزام الشركات بتقديم إفصاحات متعلقة بالاستدامة (ESG) وإفصاحات TCFD، مع العمل على تقييم وتصنيف هذه الإفصاحات وفقًا لمنهجية موحدة لضمان رفع جودة التقارير وتعزيز الشفافية في السوق.
وأشار رئيس الهيئة إلى الجهود المستمرة لدعم الاقتصاد الأخضر من خلال إصدار تصنيف واضح لسندات الاستدامة مثل السندات الخضراء وسندات التحول، وتحديد معايير لإنشاء صناديق الاستثمار الخضراء، مع إتاحة المجال لوكالات التصنيف البيئي والاجتماعي للعمل داخل السوق المصري، بما يعزز من قدرة السوق على جذب استثمارات مستدامة ويدعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور فريد أن الهيئة أطلقت أول سوق طوعي منظم للكربون تحت إشراف الجهات الرقابية على أسواق المال، ليكون منصة رقمية منظمة تتيح لمشروعات خفض الانبعاثات إصدار شهادات كربونية معتمدة يمكن تداولها محليًا ودوليًا، بما يتيح لهذه المشروعات تحقيق عوائد مالية إضافية تدعم استدامتها، وتساهم في تعزيز جهود الدولة لتحقيق الحياد الكربوني والتزاماتها البيئية الدولية.
وفي ختام حديثه، أشار رئيس الهيئة إلى أن المرحلة القادمة ستشهد مناقشات موسعة لتطبيق معايير الإفصاح الدولية IFRS S1 وS2 للإفصاح عن الاستدامة، مؤكدًا أهمية مراعاة مبدأ التناسب عند التطبيق، داعيًا كافة الشركاء، وفي مقدمتهم غرفة التجارة الأمريكية، للمشاركة بفاعلية في إعداد خارطة طريق شاملة لضمان تطبيق سلس وفعّال للمعايير الجديدة، بما يعزز من تنافسية السوق المصري ويحقق التوازن بين متطلبات الحوكمة والنمو المستدام.