تحدث الدكتور نصر عبد الكريم، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأمريكية في رام الله، عن التحولات التي يشهدها قطاع بناء الملاجئ في إسرائيل، معتبراً أن هذا القطاع أصبح يشكل اليوم جزءاً من الاقتصاد الإسرائيلي، ويجذب استثمارات ضخمة وأرباحاً طائلة.
التحولات في قطاع بناء الملاجئ في إسرائيل
قال الدكتور نصر، في مداخلة مع التليفزيون العربي، إن فكرة بناء الملاجئ في إسرائيل ليست جديدة، إذ إن الكيان الإسرائيلي منذ نشأته اعتمد على بناء التحصينات العسكرية بسبب الوضع الأمني الصعب في المنطقة، لكن مع تزايد تهديدات الصواريخ التي تطال عمق فلسطين التاريخية، بدأ القطاع يشهد اهتماماً متزايداً، وبشكل خاص بعد عام 2014 عندما زادت الحاجة إلى بناء المزيد من الملاجئ في ظل تصاعد التوترات العسكرية.
أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية في رام الله نصر عبد الكريم: كل الاقتصاد الإسرائيلي مبني على التجسس والعكسرة والدفاع ومنذ العام 2014 أجندات إسرائيل تغيرت من ناحية بناء الملاجئ والتحول الاقتصادي المرتبطة بتبعات هذا الموضوع#اقتصاد_كم pic.twitter.com/XOXQ5XWWuG
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 8, 2025
وأكد الدكتور نصر أن الحكومة الإسرائيلية ضخت مبالغ ضخمة في هذا القطاع، تقترب من ثلاثة مليارات دولار أمريكي في السنوات الأخيرة، خاصة بعد الهجوم على غزة في أكتوبر الماضي، فضلاً عن طلبات إضافية لاستثمارات جديدة في هذا المجال. كما أشار إلى أن بعض هذه الأموال تم تمويلها من الحكومة الإسرائيلية، بينما تم تمويل البعض الآخر عبر هيئات محلية وتبرعات دولية.
ارتفاع أرباح شركات البناء
فيما يتعلق بأرباح الشركات العاملة في هذا القطاع، أوضح الدكتور نصر أنه من الصعب تحديد حجم الأرباح بدقة، لكنه أشار إلى أن بناء الملاجئ قد يسهم في زيادة نشاط شركات البناء بنسبة 13% في عام 2025، بعد أن شهدت هذه الشركات تراجعاً كبيراً في أرباحها في الآونة الأخيرة. ورغم أن الشركات الإسرائيلية قد تضررت، إلا أن استثمارات الملاجئ ستساعد في تعويض جزء من الخسائر التي تكبدتها.
الشركات الأجنبية والعمالة الماهرة
وبخصوص الشركات التي تعمل في بناء الملاجئ، ذكر الدكتور نصر أن معظم الشركات التي تعمل في هذا القطاع حالياً هي شركات دولية، وعلى رأسها الشركات الصينية، منذ عام 2017، سمحت الحكومة الإسرائيلية بتسجيل الشركات الأجنبية للعمل في قطاع البناء والإسكان، وتلعب هذه الشركات دورًا مهمًا في بناء الملاجئ نظرًا لنقص العمالة الماهرة في القطاع.
وأشار الدكتور نصر إلى أن هذه الشركات الأجنبية، بما في ذلك الشركات الصينية، تجلب موظفيها للعمل في المشروع، وهو ما أثار احتجاج الشركات الإسرائيلية التي تخشى من تأثير هذه الشركات على فرص العمل المحلية.
الفجوة في حماية الإسرائيليين: هل تكفي الملاجئ؟
ورداً على سؤال حول إمكانية وجود فجوة في الحماية الإسرائيلية، أشار الدكتور نصر إلى أن الأنظمة الدفاعية المتقدمة في إسرائيل، رغم قوتها، لا توفر حماية مطلقة.
وأضاف أن حتى إذا تم بناء المزيد من الملاجئ، فإن الحروب الشاملة، مثل تلك التي قد تنشأ مع إيران أو دول أخرى ذات قدرات عسكرية كبيرة، قد تتسبب في وصول الصواريخ إلى مناطق سكنية حساسة في قلب إسرائيل.
وتطرق الدكتور نصر إلى التفاوت في حماية المواطنين، مشيراً إلى أن العديد من المناطق العربية في إسرائيل، مثل القدس الشرقية وطُمرة، تفتقر إلى الملاجئ أو التحصينات اللازمة، مما يعرض السكان العرب في هذه المناطق لخطر أكبر مقارنة بالمناطق اليهودية.
وأكد الدكتور نصر على أن الفجوة في الحماية لا يمكن سدها بشكل كامل، حتى لو تم بناء الملاجئ في كافة أنحاء إسرائيل، مشيراً إلى أن الحماية من الصواريخ لا تعتمد فقط على الملاجئ، بل على قدرة الأنظمة الدفاعية على التصدي لهذه التهديدات.