في خطوة تشريعية تاريخية انتظرها الملايين من الملاك والمستأجرين لسنوات، أصبح قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، المعروف إعلاميًا بـ«قانون الإيجار القديم»، على بُعد خطوة واحدة من دخول حيز التنفيذ الرسمي، بعد أن أقره مجلس النواب نهائيًا ورفضت المحكمة الدستورية العليا الطعون المقدمة ضد عدد من مواده، ليصبح توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون ونشره في الجريدة الرسمية هو الفيصل في بدء التطبيق الفعلي لهذا القانون الذي يعيد ضبط العلاقة الإيجارية في مصر.
البرلمان يقر القانون بعد نقاشات مطولة
شهدت أروقة مجلس النواب المصري خلال الفترة الماضية مناقشات مكثفة بشأن مشروع قانون الإيجار القديم، الذي يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين بشكل عادل، حيث أقر البرلمان مشروع القانون بالأغلبية، بعد جدل واسع حول المواد المتعلقة بفترات الإخلاء وآليات تحديد القيمة الإيجارية خلال الفترة الانتقالية.
وتضمن القانون نصوصًا واضحة تنظم إنهاء العقود السكنية المبرمة قبل عام 1996 خلال فترة انتقالية تصل إلى 7 سنوات، فيما تُنهى العقود غير السكنية خلال 5 سنوات، بما يفتح الباب أمام تسوية تاريخية لقضية استمرت لعقود طويلة وأثرت على القطاع العقاري المصري.
ورغم الاعتراضات المحدودة التي أبداها بعض النواب على بعض البنود، تمت الموافقة على القانون تلبية لمطالب قطاع واسع من الملاك بضرورة تصحيح العلاقة الإيجارية، مع مراعاة البعد الاجتماعي للمستأجرين من خلال الفترات الانتقالية المقررة.
المحكمة الدستورية العليا تؤكد دستورية القانون
جاء إقرار القانون بعد حسم الجدل القانوني حول دستوريته، حيث تقدمت جهات وأفراد بعدة طعون على مواد محددة من القانون، خاصة المادة الثامنة والفقرة الثالثة من المادة 24، إلى جانب بعض المواد في القانون المدني، بزعم مخالفتها لأحكام الدستور.
إلا أن المحكمة الدستورية العليا قضت برفض هذه الطعون، وأكدت على سلامة ودستورية نصوص القانون، لتكون هذه الخطوة بمثابة إزالة آخر العقبات القانونية أمام بدء تنفيذ القانون، وتغلق الباب أمام أي محاولات لتعطيله عبر المسار القضائي المباشر.
توقيع الرئيس.. الخطوة الأخيرة قبل النفاذ
وفق الدستور المصري، فإن القانون لا يصبح واجب النفاذ إلا بعد توقيع رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية، وهو ما يجعل الأنظار الآن تتجه نحو توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليتم بعدها نشر القانون رسميًا وتحديد موعد بدء العمل به سواء فور النشر أو في تاريخ يحدده القرار الرئاسي.
وتعد هذه الخطوة هي الحاسمة لبدء تنفيذ القانون على أرض الواقع، ليدخل الإطار القانوني الجديد حيز التطبيق فعليًا، وينطلق العمل على معالجة واحدة من أطول الملفات العقارية والاجتماعية في مصر.
هل انتهى مسار الطعون القانونية؟
برغم رفض الطعون الدستورية المقدمة حاليًا، فإن الطريق يبقى مفتوحًا أمام رفع دعاوى قانونية مستقبلية أثناء التطبيق العملي للقانون، في حال ظهور حالات أو اعتراضات فردية، وهو ما يعد مسارًا قانونيًا طبيعيًا لضمان تحقيق العدالة والتوازن بين حقوق جميع الأطراف المعنية.
بداية جديدة لملف الإيجارات في مصر
بهذا يصبح القانون على بُعد خطوة واحدة من التنفيذ، ليعيد تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر على أسس عادلة تراعي حقوق الطرفين مع الحفاظ على البعد الاجتماعي والاقتصادي لهذه العلاقة المهمة في حياة ملايين المواطنين.
ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة حالة ترقب في القطاع العقاري والمجتمع المصري بشكل عام، انتظارًا للتفاصيل التطبيقية المرتبطة بإنهاء العقود القديمة وآليات التسويات المالية والقانونية، في ظل استعداد المؤسسات المعنية لوضع الخطط اللازمة لتنفيذ القانون بعد نشره في الجريدة الرسمية، مع فتح الباب أمام المراجعة وإجراء التعديلات المستقبلية إذا استدعت التجربة الميدانية لذلك.