أعلنت المملكة المتحدة استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا، بعد زيارة تاريخية أجراها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى العاصمة دمشق، في أول زيارة لمسؤول بريطاني بهذا المستوى منذ 14 عاماً، في خطوة تشير إلى تحول كبير في السياسة الغربية تجاه سوريا، بعد سنوات طويلة من العزلة.
وذكرت الحكومة البريطانية في بيان رسمي أن هذا التحرك يأتي "في إطار التزام بريطانيا بدعم سوريا في جهودها لتحقيق الانتقال السياسي، وإعادة بناء الاقتصاد السوري"، مؤكدة أن استعادة العلاقات تهدف إلى المساهمة في عودة سوريا إلى النظام العالمي وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
رفع العقوبات البريطانية عن دمشق
تزامنت هذه الخطوة مع سلسلة إجراءات بريطانية لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، حيث رفعت لندن في مارس الماضي البنك المركزي السوري و23 كياناً اقتصادياً، من بينها شركات طاقة ومصرفية وشركة "السورية للطيران"، من قائمة العقوبات. وبموجب هذا القرار، لن يتم تجميد أصول هذه الكيانات، وستُتاح لها حرية ممارسة الأعمال التجارية مع الشركات البريطانية والدولية دون قيود، مما يمهّد الطريق لعودة حركة التجارة والاستثمارات إلى دمشق.
لقاء رسمي ومباحثات استراتيجية
خلال زيارته، أجرى وزير الخارجية البريطاني مباحثات موسعة مع الرئيس السوري أحمد الشرع في دمشق، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون في المجالات المختلفة، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية، والتأكيد على أهمية التعاون لمواجهة التحديات المشتركة.
وتعد هذه الزيارة دفعة قوية للجهود السورية الرامية إلى استعادة الاعتراف الدولي بعد عزلة استمرت منذ بداية الأزمة السورية، خاصة مع التحركات الأخيرة التي شملت إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً تنفيذياً برفع العقوبات الأمريكية عن دمشق، وهو ما انعكس على توقعات بانتعاش الاقتصاد السوري بشكل سريع خلال الفترة المقبلة.
حزمة مساعدات بريطانية لدعم سوريا
وأعلنت الحكومة البريطانية بالتزامن مع الزيارة عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني، لدعم الاحتياجات الإنسانية العاجلة داخل سوريا، وتعزيز جهود التعافي على المدى الطويل، بما يشمل توفير التعليم وفرص العمل للسوريين، إلى جانب تقديم الدعم للدول المجاورة المستضيفة للاجئين السوريين، ضمن إطار السعي لتخفيف الأعباء الإنسانية الناتجة عن الأزمة.
مرحلة جديدة في العلاقات الدولية لسوريا
تفتح هذه الخطوة الباب أمام مرحلة جديدة في علاقات سوريا الدولية، حيث تأتي ضمن سلسلة جهود دبلوماسية بذلتها دمشق لإعادة بناء علاقاتها مع العالم، وسط مساعٍ للاستفادة من التحولات في السياسة الدولية لتخفيف الأعباء الاقتصادية والعزلة السياسية التي فرضت على البلاد خلال السنوات الماضية.
ويرى مراقبون أن استعادة العلاقات بين بريطانيا وسوريا قد تفتح المجال أمام خطوات مماثلة من دول أوروبية أخرى، في وقت يسعى فيه الاقتصاد السوري إلى جذب الاستثمارات وإعادة إطلاق حركة التجارة، مع توقعات بأن تسهم هذه الخطوات في تحسين الظروف المعيشية للسوريين ودعم مسار إعادة الإعمار في البلاد.