تابوت حجري ومومياوات لأطفال.. اكتشاف أثري جديد يوثّق تاريخ أسوان الجنائزي


أسرار جديدة من مصر القديمة.. ماذا وجدوا قرب ضريح الآغاخان

السبت 05 يوليو 2025 | 05:20 مساءً
محمد عاطف

أعلنت وزارة السياحة والآثار أن البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة ميلانو كشفت عن عدد من المقابر المنحوتة في الصخر من العصرين اليوناني والروماني. تحتوي هذه المقابر على نقوش هيروغليفية بحالة جيدة من الحفظ، وذلك في الجبانة المحيطة بمنطقة ضريح الآغاخان في البر الغربي بأسوان. يُعد هذا الإنجاز الأثري الجديد إضافة مهمة إلى سجل الاكتشافات التي تشهدها محافظة أسوان.

وأضافت الوزارة في بيان صحفي اليوم أن أعمال الحفائر أسفرت، خلال موسم الحفائر لهذا العام، عن اكتشاف المقبرة رقم 38، التي تُعد من أبرز المقابر المكتشفة حتى الآن من حيث التصميم والحالة الإنشائية، تقع هذه المقبرة على عمق يزيد على مترين تحت الأرض، ويؤدي إليها سلّم حجري مكون من تسع درجات محاطة بمصاطب من الطوب اللبِن، كانت تُستخدم لوضع القرابين الجنائزية.

وأوضحت الوزارة أنه في داخل المقبرة عُثر على تابوت من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعه نحو مترين، موضوع فوق منصة صخرية نُحتت مباشرة في الجبل. يتميز التابوت بغطاء على هيئة آدمية يحمل ملامح واضحة لوجه إنسان مُزيّن بباروكة وزخارف مُذهلة، بالإضافة إلى عمودين من النصوص الهيروغليفية التي تُسجّل أدعية للآلهة المحلية بمنطقة أسوان، واسم صاحب المقبرة كا-مِسيو، وهو أحد كبار المسؤولين في عصره، إلى جانب أسماء أفراد من أسرته. كما تم العثور على مومياوات بعضها لأطفال.

من جهته، وصف شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، الكشف بأنه إضافة نوعية في محافظة أسوان، والذي يعكس تنوّع وثراء الحضارة المصرية القديمة عبر العصور. كما يؤكد أهمية التعاون العلمي الدولي في دعم جهود الاكتشافات الأثرية، وأشار إلى أن المقابر المكتشفة تفتح آفاقًا جديدة لفهم طبيعة المجتمع المحلي في أسوان خلال العصرين البطلمي والروماني، وتُبرز المكانة التاريخية للمنطقة كأحد المراكز الحضارية المهمة في جنوب مصر.

ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الكشف يُعد دليلًا واضحًا على استمرار الاستخدام الجنائزي للمنطقة من قبل مختلف الطبقات الاجتماعية، بدءًا من النخبة التي دُفنت في المقابر العلوية على الهضبة، ووصولًا إلى الطبقة المتوسطة التي استقرت في سفوح الجبانة. كما أن النقوش واللقى المكتشفة ستُوفّر مادة علمية غنية للباحثين في مجال علم المصريات، خصوصًا فيما يتعلق بالتقاليد الجنائزية والرمزية الدينية خلال الفترات المتأخرة من الحضارة المصرية.

وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار أن المومياوات المكتشفة داخل هذه المقابر، والتي تشمل عددًا من الأطفال، سيتم إخضاعها لفحوصات بالأشعة المقطعية والتحاليل البيولوجية خلال موسم الخريف المقبل، مما سيسهم في فهم أدق لهوية هؤلاء الأفراد وظروف حياتهم وأسباب وفاتهم.

ومن جهته، أشار محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إلى أنه على الهضبة الواقعة في أعلى التل توجد مقابر ضخمة تحت الأرض تعود للعصر البطلمي خُصِّصت لعائلات النخبة الثرية، وقد أُعيد استخدامها خلال العصر الروماني.

وأوضح أن هذا الاكتشاف جاء ضمن أعمال البعثة الأثرية بالموقع هذا العام، والتي تعمل به منذ عام 2019، برئاسة الدكتورة باتريتسيا بياشنتيني، أستاذ علم المصريات بجامعة ميلانو، والأستاذ فهمي الأمين، مدير عام آثار أسوان. وأشار إلى أن هذه الاكتشافات المتتالية في جبانة منطقة ضريح الآغاخان تُعد دليلًا ملموسًا على الأهمية الأثرية للمنطقة، وإحدى ركائز المشهد الأثري في أسوان.

وأشار إلى أن البعثة كشفت في مواسم سابقة عددًا من المصاطب الجنائزية والمقابر المنحوتة في صخور جبال سيدي عثمان، بالمنطقة، والتي تكشف عن نمط معماري متميز يعكس تفاعل الإنسان مع التضاريس الطبيعية للموقع.