رغم الموقف الرسمي المعلن، بدأت باكستان – ثاني أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان وأول دولة إسلامية تمتلك سلاحًا نوويًا – تشهد بوادر انفتاح حذر تجاه مناقشة اتفاقيات إبراهيم، التي ترتبط بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. هذا التحول التدريجي، الذي وصفته صحيفة معاريف الإسرائيلية بـ"الانفتاح السياسي الجديد"، يأتي على نحو غير مسبوق من كبار المسؤولين الباكستانيين.
وفي تقرير نشرته الصحيفة العبرية تحت عنوان "هل تسير القوة النووية الإسلامية نحو التطبيع مع إسرائيل؟"، لفتت إلى أن عددًا من كبار المسؤولين في الحكومة الباكستانية، من بينهم وزير الدفاع والمستشار السياسي لرئيس الوزراء، بدأوا في الحديث علنا عن ضرورة دراسة اتفاقيات إبراهيم، داعين إلى تنسيق إقليمي مع الدول العربية وتركيا، بما يعكس توجها جديدا في إسلام آباد قد يكون تمهيدا لتحولات سياسية مقبلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التليفزيون الرسمي الباكستاني خصص، ولليوم الثالث على التوالي، مساحة واسعة لمناقشة هذه الاتفاقيات.
ففي إحدى الحلقات، تحدث رانا صنع الله، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، قائلًا إن ما يطرحه هو موقفه الشخصي، مؤكدًا على أهمية أن تتقدم باكستان نحو دراسة الاتفاقات بالتنسيق مع الدول العربية، مع أخذ دور تركيا الإقليمي في الاعتبار، داعيًا إيران كذلك إلى إعادة النظر في مواقفها والانضمام إلى جبهة إسلامية موحدة تضم السعودية وتركيا وباكستان.
وفي تصريحات أخرى، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف في مقابلة مع قناة "سماء تي في" إنه في حال ممارسة ضغوط على باكستان بشأن الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، فسيتم دراسة الموضوع بما يخدم المصالح الوطنية، مؤكدًا: "لن نكون جزءًا من أي سياسة أمريكية تضر بمصالحنا".
وأضاف آصف أن بلاده دعمت إيران خلال تصعيدها الأخير مع إسرائيل، ولفت إلى أن الهند لم تعد محل ترحيب في طهران بسبب تغير مواقفها في الإقليم. كما أشار إلى وجود تناغم في المواقف بين القيادة السياسية والعسكرية في باكستان حاليًا.
في المقابل، لا يزال وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء إسحاق دار يتمسك بالموقف التقليدي الرافض لأي تطبيع مع إسرائيل. ففي مؤتمر صحفي بوزارة الخارجية، جدد دار التأكيد على أن باكستان لن تنضم إلى اتفاقيات إبراهيم، معتبرًا أن مثل هذه الخطوة تمثل تخلّيًا عن دعم باكستان الثابت لحل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.
وتعكس هذه المواقف المتباينة حالة من التردد والتقييم داخل المؤسسة الباكستانية تجاه واحدة من أكثر القضايا حساسية في السياسة الإقليمية، وسط تغيرات عميقة يشهدها الشرق الأوسط وتحولات في خارطة التحالفات التقليدية.