في ظل النهضة السياحية التي تشهدها المملكة العربية السعودية وتماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتعزيز مكانة السياحة كرافد اقتصادي رئيسي، حقق قطاع الشقق الفندقية في المملكة أداءً استثنائيًا خلال عام 2024، مستقطبًا أكثر من 30 مليون زائر من أصل نحو 115.9 مليون زائر محلي ودولي.
ويُعزى هذا النمو المتسارع إلى مرونة الشقق الفندقية وقدرتها على تلبية احتياجات مختلف شرائح الزوار، خاصة العائلات والسياح القادمين من دول الخليج والمنطقة، حيث توفر هذه الوحدات مساحات إقامة أوسع وخدمات ذات طابع منزلي تناسب الإقامات الطويلة والمتوسطة، ما يجعلها خيارًا مفضلًا للمقيمين والسياح الباحثين عن الراحة والتكلفة الاقتصادية.
وشهدت المدن الكبرى مثل الرياض، جدة، مكة المكرمة، والمدينة المنورة ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب على الشقق الفندقية، في وقت برزت فيه مدن عسير والباحة والطائف ضمن الوجهات المفضلة بفضل ما تقدمه من طبيعة خلابة وفعاليات ثقافية وترفيهية متنوعة ساهمت في رفع معدلات الإشغال.
وبحسب بيانات وزارة السياحة السعودية، بلغ عدد الشقق الفندقية المرخصة بنهاية 2024 نحو 2,262 منشأة من إجمالي 4,400 منشأة إيواء مرخصة في المملكة، تضم ما يقارب 476 ألف غرفة فندقية، وهو ما يعكس حجم الاستثمار المتنامي في هذا القطاع الحيوي.
ويشكل قطاع الشقق الفندقية نحو 25% من إجمالي استخدام السياح لأنماط الإقامة في المملكة، خلف الفنادق التي استحوذت على 32%، بينما فضّل 37% من الزوار الإقامة في منازل خاصة. وسجلت الشقق الفندقية معدل إشغال مرتفعًا بلغ 52.4% خلال الربع الثاني من العام، ما يعكس الجاذبية المتزايدة لهذا القطاع في ظل تنامي السياحة الداخلية والخارجية.
وتشير الإحصائيات إلى أن متوسط مدة الإقامة في الشقق الفندقية وصل إلى 19 ليلة للزائر المحلي وأكثر من 6 ليالٍ للزائر الدولي، في مؤشر على مكانة هذا القطاع كخيار عملي واقتصادي لشرائح واسعة من السياح.
وتصدرت مناطق مكة المكرمة، الرياض، والمنطقة الشرقية الوجهات الأكثر استقبالًا للزوار، في حين سجلت المدن الثانوية نسب إشغال مرتفعة خلال مواسم الفعاليات والمهرجانات، ما يعزز من دور هذه المدن في دعم صناعة السياحة الوطنية.
وفي إطار خططها لتعزيز هذا القطاع، تعمل وزارة السياحة على تحفيز الاستثمارات في الشقق الفندقية من خلال تقديم حوافز وتسهيلات للمستثمرين المحليين والدوليين، إلى جانب تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص بهدف تطوير البنية التحتية ورفع مستوى الخدمات المقدمة للزوار.
ويتوقع الخبراء استمرار نمو قطاع الشقق الفندقية في المملكة خلال الأعوام المقبلة، بالتزامن مع توسع العروض السياحية وارتفاع حركة الزوار، بما يعزز من مكانته كأحد الركائز المهمة في بنية القطاع السياحي السعودي، ويرسخ دوره كأداة داعمة للاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل.