سجل الدولار الأمريكي انخفاضًا حادًا مقابل عدد من العملات الرئيسية، لاسيما اليورو والفرنك السويسري، ليبلغ أدنى مستوياته منذ سنوات، وسط تصاعد المخاوف في الأسواق من اهتزاز استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتراجع الثقة في السياسة النقدية للولايات المتحدة، وذلك تزامنًا مع اقتراب اليورو من أعلى مستوياته خلال أربع سنوات.
الدولار الأمريكي
وأرجعت صحيفة وول ستريت جورنال هذا التراجع إلى تقارير تفيد بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان يفكر في استبدال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما أثار القلق في الأوساط المالية بشأن الضغوط السياسية المتزايدة على قرارات السياسة النقدية.
وقال نيك ريس، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة "مونيكس أوروبا"، إن هذا النوع من التهديدات لا يضرب فقط استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي، بل يقوّض أيضًا مصداقيته ويضعف التوقعات بشأن أسعار الفائدة في المستقبل، موضحًا أن هذه الهواجس كانت العامل الأساسي في الضغط على الدولار مع بداية جلسات الخميس.
وأضاف ريس، أن اللهجة العدائية الصادرة عن فريق ترامب، وخاصة انتقاده العلني لباول واتهامه بالفظاعة لعدم اتخاذ خطوات أسرع لخفض أسعار الفائدة، تثير قلق المستثمرين قبيل الانتهاء المرتقب لتعليق التعريفات الجمركية المتبادلة مع الاتحاد الأوروبي وشركاء تجاريين آخرين في التاسع من يوليو المقبل.
من جانبه، أشار باول، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، إلى أن الحيطة ضرورية في تحديد السياسات المالية، خاصة في ظل المخاطر المحتملة من تصعيد الرسوم الجمركية، والتي قد ترفع التضخم بشكل غير متوقع.
توقعات بخفض الفائدة في سبتمبر
وبحسب بيانات الأسواق، ارتفعت احتمالات خفض أسعار الفائدة الأميركية في اجتماع يوليو إلى 25%، مقارنة بـ12% فقط قبل أسبوع، بينما تسعّر الأسواق حاليًا تخفيضات إجمالية تصل إلى 64 نقطة أساس بحلول نهاية العام، ارتفاعًا من 46 نقطة أساس في الأسبوع السابق.
وتشير التوقعات إلى أن التخفيض المرجّح قد يحدث في سبتمبر المقبل بدلًا من يوليو.
في هذا السياق، قال كيت جوكس، الخبير الاستراتيجي في "سوسيتيه جنرال"، إن الأسواق ستكون قد استوعبت في سبتمبر كل ما تحتاج لمعرفته بشأن تأثير الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأمريكي، مضيفًا أن تقييم السياسات في حينها سيكون أكثر وضوحًا.
اليورو والإسترليني والفرنك السويسري
ارتفع اليورو بنسبة 0.4% ليصل إلى 1.1708 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر 2021، كما ارتفع الجنيه الإسترليني 0.38% ليبلغ 1.3717 دولار، بعد أن لامس مستويات لم يشهدها منذ أكتوبر من العام ذاته.
وشهد الفرنك السويسري قفزة لافتة، إذ سجل أعلى مستوياته مقابل الدولار منذ أكثر من عشر سنوات عند 0.8007، كما بلغ مستوى قياسيًا مقابل الين الياباني عند نحو 180.55، قبل أن تتعزز قيمة الين أيضًا في وقت لاحق.
أسعار الفائدة في اليابان
أما في اليابان، فقد ارتفعت قيمة الين بعد خسائر سابقة، إذ تراجع الدولار بنسبة 0.7% أمام الين ليصل إلى 144.25.
وأشار بنك اليابان إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة تدريجيًا بعد رفعها إلى 0.5% في يناير الماضي، داعيًا إلى التريث في اتخاذ قرارات إضافية في ضوء الضبابية الناتجة عن السياسات التجارية الأمريكية، بحسب ملخص الآراء الصادر عن اجتماع لجنة السياسة النقدية في يونيو.
وفي تطور لافت، انخفض مؤشر الدولار إلى 97.28، وهو أدنى مستوى له منذ أوائل عام 2022، في دلالة واضحة على فقدان الثقة بمكانة الدولار كعملة احتياطية مهيمنة وملاذ آمن عالمي.
وقالت مؤسسة جيه بي مورجان في تقرير لها إن الرسوم الجمركية الأمريكية قد تؤدي إلى تباطؤ النمو وارتفاع التضخم، مع ارتفاع احتمالات الدخول في ركود اقتصادي بنسبة تصل إلى 40%.
وأضاف محللو البنك: "خطر حدوث صدمات سلبية إضافية مرتفع، ونتوقع أن ترتفع معدلات الرسوم الجمركية في الفترة المقبلة"، مؤكدين أن هذه التطورات تشير إلى نهاية ما يعرف بمرحلة الاستثناء الأمريكي.