سجل ميزان المعاملات الجارية في الولايات المتحدة اتساعًا غير مسبوق خلال الربع الأول من عام 2025، في مؤشر جديد على الضغوط المتصاعدة التي تواجهها الاقتصاديات الكبرى في ظل السياسات الحمائية، وفي مقدمتها الرسوم الجمركية الأمريكية.
450.2 مليار دولار.. أكبر عجز في تاريخ المعاملات الجارية
بحسب مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأمريكية، بلغ عجز ميزان المعاملات الجارية - الذي يقيس صافي تدفق البضائع والخدمات والاستثمارات إلى داخل وخارج البلاد - نحو 450.2 مليار دولار، مسجلًا قفزة بنسبة 44.3% مقارنة بالربع الأخير من 2024، حين بلغ العجز المعدل 312 مليار دولار.
ويعد هذا الرقم أعلى مستوى عجز على الإطلاق، متجاوزًا حتى توقعات المحللين الذين رجّحوا أن يبلغ العجز 443.3 مليار دولار فقط، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
الأسباب: سباق استيراد ورسوم ترامب الجمركية
تعزو الحكومة هذا الارتفاع الحاد إلى اتجاه الشركات الأمريكية إلى تعجيل استيراد البضائع قبل دخول الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب حيز التنفيذ الكامل، وهو ما أدى إلى تضخم واردات السلع وبالتالي اتساع الفجوة التجارية.
في هذا السياق، ارتفع عجز تجارة البضائع إلى 466 مليار دولار مقارنة مع 328.9 مليار دولار فقط في الربع الأخير من العام الماضي.
ورغم ما كشفت عنه البيانات الحكومية هذا الشهر من انخفاض قياسي لواردات السلع بنسبة 19.9% في أبريل إلى 277.9 مليار دولار، إلا أن هذا التراجع لم يكن كافيًا لكبح جماح العجز في المعاملات الجارية خلال الربع الأول.
6% من الناتج المحلي.. أعلى نسبة منذ 2006
العجز الجديد يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، وهو أعلى مستوى تسجله البلاد منذ الربع الثالث من عام 2006، عندما بلغ العجز حينها 6.3% من الناتج المحلي.
وكان العجز قد مثّل 4.2% فقط من الناتج المحلي في الربع الأخير من 2024، ما يعكس وتيرة متسارعة في التدهور التجاري والمالي للبلاد.
تحذيرات من ضغوط على الدولار
يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار اتساع العجز في المعاملات الجارية، إلى جانب تضخم العجز في الموازنة الاتحادية الأمريكية، قد يُقوّض مكانة الدولار عالميًا على المدى الطويل.
ويشير محللون إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب أضعفت جاذبية الدولار كملاذ آمن، في ظل تصاعد المخاوف من دخول الاقتصاد في حلقة مفرغة من العجز والحمائية والركود التجاري.