في تطور نوعي وخطير في مسار المواجهة بين إسرائيل وإيران، شهدت طهران واحدة من أكبر الضربات التي استهدفت قلب برنامجها النووي، ليس عبر تدمير المنشآت أو المعدات، بل من خلال تصفية النخبة العلمية المسؤولة عن تطويره عبر اغتيالات متزامنة وُصفت بأنها غير مسبوقة من حيث التخطيط والدقة، أودت بحياة عدد من أبرز العلماء النوويين الإيرانيين، في خطوة تشير إلى تحوّل في استراتيجية الاستهداف نحو ضرب المعرفة والخبرة التراكمية التي لا يمكن تعويضها بسهولة.
وبدت هذه العملية المركّبة، التي جاءت في سياق تصعيد عسكري مفتوح منذ منتصف يونيو، مصممة بعناية لشلّ البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل، عبر استهداف العقول قبل الأجهزة، والتأثير النفسي قبل السياسي، وبينما يكتنف الغموض تفاصيل الوسائل المستخدمة، فإن الرسالة واضحة: الحرب تجاوزت حدود الردع العسكري إلى معركة من نوع آخر، قوامها المعلومات والتكنولوجيا والموارد البشرية.
استهداف علماء النووي الإيرانيين
أفادت القناة 12 الإسرائيلية أن الهجوم الافتتاحي الذي شنته إسرائيل ضد إيران، أسفر عن مقتل تسعة من بين أكبر عشرة علماء نوويين في الجمهورية الإسلامية دفعة واحدة، في تطور غير مسبوق ضمن التصعيد المتبادل بين الجانبين.
وبحسب الشبكة، نُفذت العملية ليلة الخميس-الجمعة (13-14 يونيو 2025)، عبر ضربات دقيقة استهدفت منشآت نووية وصاروخية ومواقع قيادية بارزة، أبرزها مجمع نطنز ومراكز تطوير الصواريخ الباليستية.
وذكرت القناة أن العلماء التسعة قُتلوا في منازلهم أثناء نومهم، باستخدام سلاح خاص لم يُكشف عن طبيعته بعد، فيما لقي العالم النووي العاشر مصرعه في وقت لاحق من اليوم نفسه، ضمن امتداد لذات العملية.
وأوضحت أن إسرائيل قررت تنفيذ هذه الاغتيالات في توقيت متزامن بهدف منع أي فرصة للتنبيه أو الهروب، في خطوة وُصفت بأنها الأكثر تعقيدًا ودقة منذ اغتيال محسن فخري زاده عام 2020.
وأكدت مصادر إيرانية، اليوم الجمعة، أن ضربة بطائرة مسيّرة استهدفت شقة في حي غيشا وسط طهران، ما أسفر عن انفجار هائل ومقتل شخص شوهد يُلقى من أعلى المبنى، ورجّحت صحيفة إيرانية أن المستهدف كان عالماً مرتبطاً ببرنامج إيران النووي.
أسباب استهداف علماء النووي الإيرانيين
وقال مسؤول كبير في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية: "هؤلاء العلماء اعتقدوا أنهم في مأمن داخل منازلهم، لكننا كنا نتابعهم منذ سنوات"، مؤكداً أن عملية اغتيالهم كانت مخططة أصلًا في نوفمبر الماضي، وتأجلت لأسباب لوجستية، مضيفًا أن استهداف هؤلاء العلماء كان الجزء الأهم في العملية، لأن استبدال المعدات العسكرية والقيادات أسهل بكثير من تعويض العقول والخبرة النووية المتراكمة"، حسبما نقلت القناة 12.
أسماء علماء النووي الإيرانيين
في تأكيد رسمي للضربة، أعلن وزير العلوم الإيراني حسين سيماي أن العلماء المغتالين هم من أبرز العقول النووية والهندسية في البلاد، كاشفًا عن قائمة بأسماء 12 عالمًا وباحثًا، بينهم:
-فريدون عباسي دواني: الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية
-محمد مهدي طهرانجي: عالم فيزياء نظرية ورئيس جامعة آزاد الإسلامية
-أمير حسين فقيهي وعبد الحميد منوشهر وأحمد رضا ذوالفقاري: أعضاء هيئة تدريس بارزون بجامعة شهيد بهشتي
-ماجد تاجان جاري ومحمد رضا زكريا: متخصصان في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة
وحمّل الوزير الإيراني إسرائيل المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم الوحشية، مؤكدًا أن العلماء قُتلوا في منازلهم إلى جانب أفراد من عائلاتهم، في خرق سافر للقانون الدولي الإنساني وحقوق المدنيين.
وبحسب تقارير شبكة CNN، فإن الهجوم الجوي على هذه الأهداف لم يسفر فقط عن مقتل العلماء، بل تسبب أيضًا في سقوط عشرات المدنيين نتيجة انهيار مبانٍ سكنية كاملة، ما فتح بابًا واسعًا للتساؤل حول مدى التزام الجيش الإسرائيلي بمعايير الاستهداف وعدم المساس بالأحياء المدنية.
واعتبر مراقبون أن العملية تمثل نقطة تحول خطيرة في قواعد الاشتباك، حيث انتقلت إسرائيل من استهداف البنية التحتية النووية إلى تفكيك النواة البشرية للبرنامج النووي الإيراني، عبر تصفية من يُعتقد أنهم يشكلون امتدادًا مباشرًا لفخري زاده، مهندس المشروع النووي الإيراني المغتال في 2020.