من «صانع سلام» إلى شريك في التصعيد.. كيف تبنّى ترامب حملة إسرائيل ضد إيران؟


الخميس 19 يونية 2025 | 08:07 مساءً
ترامب
ترامب
محمد عاشور

في تحول دراماتيكي لمسار السياسة الأمريكية، تبنّى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لطالما وصف نفسه بـ"صانع السلام"، حملة القصف الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، بعد أسابيع من التردد بين خيارَي الدبلوماسية والعمل العسكري.

كيف تبنّى ترامب حملة إسرائيل ضد إيران؟

حذر ترامب في 13 مايو الماضي خلال منتدى استثماري في السعودية، طهران، مؤكدًا: "لن نسمح أبدًا بتهديد أمريكا وحلفائها بالإرهاب أو الهجوم النووي"، داعيًا الإيرانيين لاختيار طريق الحوار بسرعة.

وبدا هذا التصريح حينها مجرد خطاب سياسي تقليدي، لكنه كان يتزامن مع استعدادات فعلية لتصعيد محتمل، حسبما صرّح مسؤولين أمريكيين لوكالة رويترز.

ومع تصاعد التوترات الإقليمية، شرع البنتاجون، في منتصف مايو، في إعداد خطط طوارئ لدعم إسرائيل حال قررت تنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، فيما تم تحويل شحنات من الأسلحة الدفاعية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط استعدادًا للمواجهة، حسب مصادر غربية وأوكرانية مطلعة.

ترامب ونتنياهوترامب ونتنياهو

وقالت مصادر دبلوماسية وأمنية، إن ترامب، الذي أوفد مبعوثه ستيف ويتكوف في جولات مكوكية لدعم المسار الدبلوماسي، واجه ضغوطًا متزايدة من حلفائه السياسيين لدعم العمل العسكري، خاصة مع تقارير استخباراتية تؤكد نية إسرائيل التحرك بغض النظر عن موقف واشنطن.

ضغط سياسي وتردد رئاسي

لم يصدر عن ترامب رفض صريح للهجوم حتى قبيل الضربة الإسرائيلية، بل بدا أن البيت الأبيض يعطي موافقة ضمنية للحليف الإسرائيلي، ما شجع القيادة الإسرائيلية على المضي قدمًا، وفي 11 يونيو، تبلّغت واشنطن بأن الهجوم بات وشيكًا، فأصدرت مذكرة دبلوماسية تحذّر الحلفاء الإقليميين.

وفي ليلة 12 يونيو، بدأت إسرائيل قصفًا جوّيًا استهدف مواقع نووية ومقار قيادية، ما تطور لاحقًا إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، وراقب ترامب الهجمات من غرفة العمليات في البيت الأبيض، إلى جانب أعضاء كبار في الإدارة، وسط تقارير عن مقتل مستشارين مقربين من المرشد الإيراني علي خامنئي وتدمير بعض البنية التحتية النووية.

الانقسام الداخلي في الحزب الجمهوري

أثار الهجوم انقسامًا سياسيًا داخل الحزب الجمهوري، حيث عبّر عدد من كبار المحافظين عن رفضهم للتصعيد، متهمين إدارة ترامب بتأجيج الحرب، رغم أن الضربة لم تحقق نتائج استراتيجية حاسمة، بل عطّلت المشروع النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، بحسب مصادر استخباراتية.

ورغم التصعيد، لم يُعرف بعد ما إذا كان ترامب ينوي تنفيذ ضربة أمريكية مباشرة على موقع "فوردو" النووي الإيراني، أحد أكثر المواقع تحصينًا، والذي يتطلب تدميره قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها سوى الولايات المتحدة.

ترامب ونتنياهوترامب ونتنياهو

ووفق مصادر أمريكية، لا تزال نوايا ترامب غامضة حتى يوم الخميس، بينما تراقب الدوائر العسكرية والدبلوماسية أي إشارة حول تدخّل أوسع.

بين السلام والحرب

تُظهر التطورات أن ترامب، الذي بدأ فترته الرئاسية بتعهّدات بإبعاد أمريكا عن الحروب الخارجية، قد انجرف في نهاية المطاف نحو سيناريو التصعيد، نتيجة الضغوط من الحلفاء والخيارات المحدودة على الطاولة، وكما وصفه أحد مستشاريه: "ركب النمر، ولا يبدو أنه قادر على النزول الآن".

وفي الوقت الذي لم تصدر فيه تعليقات رسمية من البيت الأبيض أو من مكتب نتنياهو أو البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، يبقى المشهد الإقليمي مفتوحًا على كل الاحتمالات، في ظل اختلاط الحسابات الاستراتيجية بالمصالح السياسية، وسط تصاعد المخاوف من أن تتحول الحرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة.