كشفت مصادر أوروبية مطلعة أن الاتحاد الأوروبي يقترب من قبول تعريفة جمركية أساسية بنسبة 10% في مفاوضاته التجارية مع الولايات المتحدة، في خطوة تعكس استسلامًا تدريجيًا أمام سياسة الرسوم الواسعة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى المشهد السياسي.
رسوم ترامب الجمركية على أوروبا
بحسب خمسة مصادر على صلة بالمفاوضات، فإن مسؤولي الاتحاد باتوا يتعاملون مع نسبة 10% على أنها أرضية واقعية لاتفاق التعريفات المتبادلة، التي يُتوقع أن تشمل معظم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وفقًا لوكالة رويترز.
ورغم أن بعض العواصم الأوروبية لا تزال تضغط لخفض المعدل، فإن إحجام واشنطن عن التراجع يجعل المفاوضات أكثر تعقيدًا.
الرسوم الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات
يُصر الجانب الأمريكي، وفق ما نقلته وول ستريت جورنال ووكالات أخرى، على أن الحد الأدنى المقبول للتعريفات هو 10%، خاصة بعد أن بدأت واشنطن بتحقيق عوائد كبيرة من الرسوم المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، إن مضاعفة التعريفات حفّزت استعداد الأوروبيين للتفاوض.
سباق ضد الوقت قبل رفع الرسوم
يسعى الاتحاد الأوروبي لتأمين اتفاق قبل 9 يوليو المقبل، الموعد الذي قد يشهد تصعيدًا في الرسوم الجمركية إلى مستويات تصل 50%، في حال فشل الطرفان في التوصل إلى تفاهم.
ويأتي ذلك في ظل فائض تجاري أوروبي بلغ 236 مليار دولار مع الولايات المتحدة عام 2024، ما يجعل القارة العجوز أكثر عرضة للخسائر من التصعيد التجاري مقارنة ببريطانيا، التي أبرمت اتفاقًا محدودًا الشهر الماضي احتفظ بنسبة 10% على بعض السلع.
صناعات متضررة وضغوط من الداخل
وتتوالى التحذيرات من تأثير الرسوم على قطاعات استراتيجية، أبرزها صناعة السيارات الأوروبية التي تعاني فعليًا من اضطرابات بسبب تعريفات ترمب. شركات كبرى مثل مرسيدس وستيلانتيس وفولفو علّقت إرشادات أرباحها أو سحبت توقعاتها بسبب عدم اليقين.
في المقابل، يرى بعض المسؤولين الأوروبيين أن القبول بمعدل 10% قد يمنح مساحة تفاوضية على جبهات أخرى، مثل ضرائب الخدمات الرقمية، والمعايير البيئية، ومبيعات الغاز الأمريكي.
وأشارت مصادر صناعية إلى أن قطاع النبيذ والمشروبات الروحية، مثلًا، يفضّل اتفاقًا بـ10% على الدخول في مفاوضات طويلة دون نتائج.
ليست نهاية العالم
قال مسؤول أوروبي رفيع إن تعريفة بنسبة 10% لن تُفقد الاتحاد ميزاته التنافسية بشكل كبير طالما أنها تطبق بشكل متساوٍ.
وأضاف روب فان جيلز، الرئيس التنفيذي لشركة Hammerer Aluminium Industries النمساوية، أن الاتفاق لن يقتل السوق، مؤكدًا: "إذا كان 10% في الاتجاهين، فالأمر قابل للإدارة".
صراع إرادات أم مرونة تكتيكية؟
بينما تصر واشنطن على تحقيق مكاسب مالية، وربما سياسية، من هذه الترتيبات، فإن بروكسل تسير على حبل دبلوماسي مشدود، تحاول من خلاله تجنّب حرب تجارية شاملة، خصوصًا في ظل مؤشرات على أن الولايات المتحدة تستعد لفرض رسوم جديدة على قطاعات مثل الأدوية وأشباه الموصلات.
وبينما تظل مفوضية الاتحاد الأوروبي متكتمة رسميًا، فإن المؤشرات القادمة من غرف التفاوض توحي بأن القبول بالتعريفة الأساسية البالغة 10% بات أقرب من أي وقت مضى.