الفيدرالي الأمريكي يتجه لتثبيت الفائدة وسط ضغوط ترامب وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط


الاربعاء 18 يونية 2025 | 06:43 مساءً
رئيس الفيدرالي جيروم باول
رئيس الفيدرالي جيروم باول
محمد شوشة

يستعد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه، اليوم الأربعاء، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتباطؤ مؤشرات النمو الاقتصادي، وضغوط سياسية متزايدة من الرئيس دونالد ترامب الذي طالب مجددًا بخفض حاد في تكاليف الاقتراض.

أسعار الفائدة الفيدرالية

رغم أن ترامب استبعد قيام الفيدرالي بخفض الفائدة في هذا الاجتماع، إلا أنه اعتبر أن المستوى الحالي للفائدة البالغ 4.25% - 4.50% ما زال مرتفعًا، مطالبًا بخفض نقطتين مئويتين إضافيتين، أي تقريبًا نصف المعدل الحالي، معتبرًا أن ذلك ضروري لتحفيز اقتصاد لا يزال يعاني من آثار التضخم.

ولم يتردد ترامب في مهاجمة رئيس الفيدرالي جيروم باول، واصفًا إياه بـ"الشخص الغبي"، مشيرًا إلى أن باول "يكرهه"، متهمًا إياه بجعل تمويل عجز الحكومة الأمريكية أكثر كلفة.

التوترات الشرق أوسطية والاقتصاد الأمريكي

يأتي هذا الاجتماع الحاسم للفيدرالي وسط تصاعد غير مسبوق في الأعمال العسكرية بين إيران وإسرائيل، والتي دخلت يومها السادس، مع تحذيرات من احتمال تورط أمريكي في النزاع، وعلى الرغم من التوتر، فإن أسعار النفط العالمية لم ترتفع سوى بنسبة 10% تقريبًا لتصل إلى نحو 77 دولارًا للبرميل، وهو مستوى أقل بكثير من ذروة 120 دولارًا التي سجلت بعد الحرب الروسية الأوكرانية في 2022.

وحذر محللو جولدمان ساكس، من أن استمرار التوتر أو تعطل إنتاج أو شحن النفط قد يدفع الأسعار إلى ما يتجاوز 100 دولار للبرميل، ما يفتح الباب على مصراعيه لصدمات تضخمية جديدة.

وفي السياق ذاته، تواجه الولايات المتحدة تباطؤًا واضحًا في بعض مؤشرات الاقتصاد. فقد أظهرت بيانات حديثة تراجع بدايات بناء المساكن بنحو 10% في مايو، لأدنى مستوياتها منذ أوائل جائحة "كوفيد-19"، في حين تراجعت تصاريح البناء بنسبة 2%، مما يشير إلى ضعف متوقع في المعروض العقاري.

أما سوق العمل، فرغم استقرار معدلات طلبات إعانة البطالة، إلا أن نمو الوظائف يشهد تباطؤًا. وتشير التقديرات إلى أن معدل البطالة قد يرتفع تدريجياً ليصل إلى 4.7% بحلول 2026، مقارنة بـ4.2% في مايو الماضي.

سياسة ترامب التجارية وتحديات الفيدرالي

منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، شرع في إصلاح سريع للسياسة التجارية الأمريكية، بإعلانه فرض تعريفات جمركية أعلى على السلع المستوردة، ما زاد من قلق صانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي، إذ قد تؤدي تلك الرسوم إلى موجات تضخمية جديدة.

ويتوقع المشاركون في السوق أن يُبقي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة حتى سبتمبر على الأقل، مع ميل البنك إلى التريث في اتخاذ قرارات جديدة وسط حالة عدم اليقين التي خلقتها إدارة ترامب.

وبحسب تحليل الخبير الاقتصادي داريو بيركنز، فإن تفضيل الفيدرالي المعلن هو الشلل تحت وطأة حالة عدم اليقين التي يعيشها ترامب، مضيفًا أن محافظي البنوك المركزية يفضلون الانتظار ورؤية ما إذا كانت الأشهر المقبلة ستجلب لهم وضوحًا أكبر.

ترقب واسع لبيان الفيدرالي وتوقعاته

من المقرر أن يصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي بيانه وتحديث توقعاته الاقتصادية في الساعة 2:00 ظهرًا بتوقيت الساحل الشرقي الأمريكي، على أن يعقد رئيسه جيروم باول مؤتمرًا صحفيًا بعد ذلك بنصف ساعة.

ويتوقع مايكل فيرولي، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في "جي بي مورجان"، ألا يشهد البيان تغييرات جوهرية، مشيرًا إلى أن نمو الوظائف لا يزال قويًا نسبيًا، والتضخم لا يزال أعلى من هدف البنك، وسط تزايد الغموض بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.

وكانت التوقعات السابقة للفيدرالي في مارس قد أشارت إلى احتمال خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية بحلول نهاية 2025، وهو ما يتماشى مع التقديرات الحالية في الأسواق.

في ظل هذا المشهد المعقد، تبدو سياسة الفيدرالي في حالة ترقب، وسط ضغوط خارجية من ترامب، وأزمات عالمية متشابكة، وتضخم غير مستقر، ما يجعل قرارات الأشهر المقبلة أكثر حسمًا لمسار الاقتصاد الأمريكي.