في خطوة اعتبرتها الأوساط الأمنية الإيرانية ضربة نوعية ضد "العدو الصهيوني"، أعلن الحرس الثوري الإيراني، صباح الاثنين 16 يونيو 2025، عن تنفيذ عملية أمنية دقيقة في مدينة برخار، الواقعة بمحافظة طهران، أسفرت عن اعتقال مجموعة من الأشخاص يشتبه بتورطهم في التخابر مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، وتنفيذ أعمال تهدد الأمن القومي الإيراني.
ووفقًا لما بثّه التلفزيون الرسمي الإيراني، فإن المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات تخريب حساسة داخل البلاد، حيث تم العثور بحوزتهم على معدات وأجهزة متطورة، إلى جانب أدلة رقمية تؤكد ارتباطهم بجهات استخباراتية أجنبية. وفي ذات السياق، كشفت صحيفة "طهران تايمز" عن ضبط ورشة سرية لصناعة طائرات مسيّرة انتحارية في ضواحي العاصمة، يُعتقد أنها تابعة لشبكة تجسس مرتبطة بالموساد.
خلفية التصعيد.. بين الأمن والسياسة
تأتي هذه العملية بعد سلسلة اعتقالات مماثلة نفّذتها الأجهزة الأمنية الإيرانية خلال الأسابيع الماضية، طالت عناصر داخل طهران ومحافظات أخرى، بتهم تتعلق بالتخابر مع الموساد وتشكيل تهديدات إلكترونية ونفسية عبر الفضاء الرقمي. كما أعلنت السلطات توقيف 49 شخصًا آخرين في قضايا مرتبطة بـ"دعم إعلامي تخريبي" و"نشر الذعر المجتمعي"، في ما وصفته بـ"تنظيم داخلي منسق مدعوم من الخارج".
وتتزامن هذه التحركات الأمنية مع تصعيد عسكري خطير في المنطقة، حيث كانت إيران قد أطلقت قبل أيام موجة صاروخية استهدفت تل أبيب ومواقع إسرائيلية، ضمن ما أطلقت عليه اسم عملية "الوعد الصادق 3"، والتي أكد الحرس الثوري أنها حققت أهدافها بدقة عالية. وعلى إثر ذلك، ردت إسرائيل بسلسلة من الضربات الجوية، معلنة أنها دمّرت نحو ثلث منصات الصواريخ الباليستية الإيرانية، في مؤشر على دخول الطرفين في مواجهة مفتوحة متعددة الأبعاد.
أبعاد داخلية وإقليمية
من جهته، اعتبر الحرس الثوري أن هذه الاعتقالات تأتي في إطار الدفاع عن "أمن النظام الإسلامي"، مشيرًا إلى أن أي تعامل مع أجهزة استخبارات أجنبية يمثل "خيانة عظمى" لا يمكن التساهل معها. وأكد في بيان رسمي أن إيران ستواصل ملاحقة ما وصفه بـ"العملاء المحليين للمشروع الصهيوني"، مهما كانت مواقعهم أو غطاءاتهم.
في المقابل، لاقت التحركات الإيرانية دعمًا سياسيًا داخليًا واسعًا، كما أشار عدد من المسؤولين إلى أن أغلب دول المنطقة رفضت التصعيد الإسرائيلي الأخير، محذرين من أن استمرار مثل هذه العمليات قد يؤدي إلى حرب شاملة لا تقتصر على الجغرافيا الإيرانية والإسرائيلية فقط.
خلاصة المشهد
تعكس هذه العملية الأمنية في برخار مدى الاستنفار الأمني الذي تعيشه إيران في ظل تصاعد التهديدات الخارجية، وخصوصًا من جانب إسرائيل.
كما أنها تؤكد وجود نشاط استخباراتي مكثّف داخل الأراضي الإيرانية، يسعى لتقويض الاستقرار من الداخل بالتزامن مع الضغوط الخارجية.
وتُعد هذه التطورات مؤشراً على أن المواجهة بين طهران وتل أبيب لم تعد تقتصر على الصواريخ والمواقف الدبلوماسية، بل باتت تشمل حرباً خفية تدور رحاها في الأزقة الخلفية للمدن، وعبر شبكات التجسس والتخريب الإلكتروني.