تراجع الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، في ظل تقلبات السياسة التجارية للولايات المتحدة وتنامي التوقعات بخفض أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما دفع المستثمرين إلى سحب الأموال من أكبر اقتصاد في العالم.
الدولار الأمريكي
سجل الدولار انخفاضاً بنحو 10% مقابل سلة من العملات الرئيسية منذ بداية العام، وفقاً لمؤشر الدولار (.DXY)، ما أثار موجات من التقلبات في أسواق العملات العالمية، وخلق ضغوطاً على الاقتصادات الأخرى بسبب التأثير غير المباشر على معدلات النمو والتضخم.
عملات الدول الاسكندنافية
حققت عملات الدول الاسكندنافية مكاسب قوية مقابل الدولار، حيث ارتفعت الكرونة السويدية بنسبة 14% في 2025، وهي أفضل أداء لها في مثل هذا التوقيت منذ نصف قرن، بينما صعد التاج النرويجي بنسبة 12%، وهو أقوى ارتفاع له منذ عام 2008.
ورغم توجه السويد إلى خفض أسعار الفائدة قريباً، فإن عملتها لم تُظهر ضعفاً، كما لم يتأثر التاج النرويجي سلباً بانخفاض أسعار النفط كما كان معتاداً، بفضل تغير العلاقة مع الدولار الأمريكي.
تحديات الملاذات الآمنة
حقق كل من اليورو، والفرنك السويسري، والين الياباني مكاسب تقترب من 10% مقابل الدولار، لكن هذه المكاسب جاءت بثمن اقتصادي، إذ تحول التضخم في سويسرا إلى النطاق السلبي لأول مرة منذ أكثر من أربع سنوات، مما زاد الضغط على البنك المركزي لاحتمال خفض الفائدة إلى ما دون الصفر.
أما اليورو، الذي تجاوز 1.15 دولار لأول مرة منذ عام 2021، فيُنظر إليه بحذر داخل البنك المركزي الأوروبي، حيث قال كيت جوكس من "سوسيتيه جنرال": "قد يصل إلى 1.20 دولار، لكن ذلك قد يكون انكماشياً إذا حدث بسرعة".
وفي اليابان، وعلى الرغم من ارتفاع الين، إلا أنه لا يزال منخفضاً بنسبة 30% عن مستوياته في نهاية 2020، ما يضع طوكيو في موقف معقد بين تقوية العملة والمفاوضات التجارية مع واشنطن.
آسيا تعيد رسملة نفسها
شهدت عملات آسيا الصناعية انتعاشاً، مدفوعة بإعادة توجيه رؤوس الأموال نحو الداخل بعد إعلان الرئيس ترامب "يوم التحرير" التجاري في أبريل.
وارتفع الدولار التايواني بنسبة 12% منذ بداية العام، والوون الكوري بنسبة 10%. كما صعدت عملات أخرى مثل الدولار السنغافوري والرينغيت الماليزي والبات التايلاندي بنحو 6%.
ورغم كل ذلك، لم يحقق اليوان الصيني سوى مكاسب بنحو 2% فقط في السوق الخارجية، نظراً لتدخلات البنك المركزي التي تحدّ من مرونة تحركه، ورغم أن الولايات المتحدة لم تصنف الصين كمتلاعب بالعملة في تقريرها الأخير، إلا أن الأداء المحدود لليوان يخضع لمراقبة دقيقة من واشنطن.
الأرجنتين والمكسيك
البيزو الأرجنتيني كان من بين أسوأ العملات أداءً هذا العام، مع تراجعه بنحو 15%، بعد تطبيق نظام صرف جديد يسمح بتعويم العملة ضمن نطاق مرن.
ورغم التخوفات، لم تشهد العملة انهياراً فوضوياً، خاصة بعد توقيع اتفاق قرض بقيمة 20 مليار جنيه إسترليني مع صندوق النقد الدولي.
في المقابل، استعاد البيزو المكسيكي زخمه بعد بداية صعبة هذا العام بفعل التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، واقترب من أعلى مستوياته منذ أغسطس، ما يعكس حساسيته لتوجهات واشنطن الاقتصادية.
الجنيه الإسترليني
ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 9% منذ بداية 2025، مدفوعاً بتوقعات خفض أسعار الفائدة في بريطانيا واهتمام المستثمرين الأجانب بالاستحواذ على شركات بريطانية.
وشهد يوم الاثنين الماضي الإعلان عن صفقات استحواذ بقيمة تفوق 10 مليارات دولار، وهو الأكبر هذا العام.
وحذر المحللون من أن الجنيه سيبقى أقل جاذبية مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى بسبب ضعف النمو ومخاطر مالية كامنة.
ويقول نيك كينيدي، استراتيجي العملات في "لويدز": "الجنيه الإسترليني أقل جاذبية، والمخاطر الكلية لا تزال مرتفعة".