تستعد مصر لحدث ثقافي عالمي طال انتظاره، مع اقتراب موعد الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، الذي يُعد أكبر مشروع متحفي مخصص لحضارة واحدة في العالم، ويأتي هذا الافتتاح تتويجًا لجهود استمرت سنوات من العمل المعمق والتطوير المستمر، لعرض كنوز الحضارة المصرية القديمة في صرح معماري عصري، يتاخم أهرامات الجيزة ويعانق التاريخ.
ويُرتقب أن يشهد المتحف عند افتتاحه عرضًا كاملاً لمجموعة الملك توت عنخ آمون لأول مرة، إلى جانب نحو 100 ألف قطعة أثرية أخرى، مما سيمنح الزوار تجربة غامرة تجمع بين عراقة التاريخ وأحدث أساليب العرض التفاعلي، ويواكب هذا الحدث تحركات شاملة لتطوير البنية التحتية المحيطة بالمتحف، بما في ذلك الطرق والمحاور الرئيسية ووسائل النقل الحديثة.
المتحف المصري الكبير
تأتي هذه الخطوة في إطار رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانة مصر كوجهة سياحية وثقافية عالمية، واستثمار الإرث التاريخي في دعم الاقتصاد الوطني من خلال تنشيط قطاع السياحة وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تعزيز صورة مصر الحضارية على الساحة الدولية، بوصفها صاحبة أقدم وأغنى حضارة عرفها التاريخ.
وفي وقت سابق، أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، افتتاح المتحف المصري الكبير في 3 يوليو 2025، حيث سيشهد هذا الحدث العالمي عرض مجموعة كاملة من القطع الأثرية، بما في ذلك قاعات الملك توت عنخ آمون، التي ستفتح للجمهور لأول مرة.
موعد افتتاح المتحف المصري الكبير
ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، اجتماع اللجنة العليا المسؤولة عن تنظيم فعاليات احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، المقرر إقامته في الثالث من يوليو 2025، بمشاركة عدد من الوزراء والمحافظين والمسؤولين المعنيين، لمتابعة الاستعدادات النهائية لهذا الحدث الثقافي العالمي.
وشارك في الاجتماع الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، وشريف فتحي وزير السياحة والآثار، وسامح الحفني وزير الطيران المدني، وأحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، إلى جانب محافظي القاهرة والجيزة، وعدد من قيادات الوزارات، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وممثلين عن الجهات الإعلامية والمالية.
وفي مستهل الاجتماع، أكد مدبولي أن اللقاء يأتي في إطار متابعة اللمسات الأخيرة للافتتاح، مشدداً على أن هناك زيارات ميدانية مستمرة لمتابعة الترتيبات على الأرض، لضمان خروج الاحتفالية بالشكل الذي يليق بعراقة وتاريخ مصر. كما لفت إلى أهمية التنسيق الكامل بين الوزارات المعنية، خاصة فيما يخص الترتيبات اللوجستية واستقبال كبار الضيوف والتأمين والتنقلات.
مشروعات وزارة النقل في نطاق المتحف
من جانبه، استعرض الفريق كامل الوزير الموقف التنفيذي لمشروعات وزارة النقل في نطاق المتحف، مشيراً إلى تقدم العمل في مشروع تطوير الطريق الدائري بطول 110 كيلومترات، وخاصة في المناطق المحيطة بالمتحف، بما يشمل تطوير وتوسعة الكباري وتقاطعات الطرق الحيوية مثل كوبري تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الصحراوي، وكوبري 8، إلى جانب مشروع إنشاء "كوبري زويل" وتطوير الطريق السياحي.
وأشار الوزير إلى تشغيل الأتوبيس الترددي السريع (BRT) تجريبيًا، وهو يضم 48 محطة تمر بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، إضافة إلى تقدم العمل في الخط الرابع من مترو الأنفاق، الذي سيخدم المتحف مباشرة من خلال محطة "المتحف المصري الكبير"، ويمتد حتى الفسطاط.
مشروع تطوير الطريق الدائري
بدوره، عرض الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، أبرز الأعمال الجارية ضمن مشروع تطوير الطريق الدائري، متضمنة توسعة ورفع كفاءة الطرق والكباري، وتنفيذ مشروع "الهوية البصرية" عبر طلاء الواجهات بألوان متناسقة مستلهمة من الحضارة المصرية.
تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف
كما قدم المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، عرضًا عن تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف، والتي تشمل تحسين المحاور المرورية، أعمال الرصف، المسطحات الخضراء، الإضاءة والتجميل، بما يعزز من الصورة البصرية للموقع.
100% من الأعمال أنجزت
اللواء وليد عارف، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، أكد خلال الاجتماع أنه تم الانتهاء من تنفيذ المشروع بنسبة 100%، بما في ذلك الممشى السياحي بطول 1270 متراً، وعدد من المنشآت الإدارية والخدمية والتجارية.
كما تم تنفيذ وتمهيد ورصف 8 طرق بإجمالي أطوال تتجاوز 8 كم، وإنشاء 5 مناطق انتظار سيارات بسعة تصل إلى 187 أتوبيساً، إلى جانب منطقتي انتظار خارجيتين بطاقة استيعابية تبلغ 1460 سيارة و54 أتوبيساً و100 عربة جولف.
وأضاف عارف أن الأعمال شملت أيضًا تطوير شبكات المرافق مثل الإضاءة، الكهرباء، صرف الأمطار، المياه، مكافحة الحريق، وغيرها، لضمان الجاهزية الكاملة للتشغيل.
تحفة معمارية تعانق الأهرامات
يقع المتحف المصري الكبير على مسافة قصيرة من أهرامات الجيزة، ويمتد على مساحة 500 ألف متر مربع، مما يجعله أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، وسبق أن افتتح جزئيًا في أكتوبر 2024، حيث تم تشغيل البهو العظيم، والدرج الكبير، وبعض قاعات العرض المؤقتة.
أما الافتتاح الرسمي المرتقب، فسيشهد لأول مرة فتح قاعات الملك توت عنخ آمون أمام الجمهور، والتي تضم نحو 5390 قطعة أثرية نادرة، تُعرض بالكامل للمرة الأولى، إلى جانب مجموعة تصل إلى 100 ألف قطعة أثرية تُمثل حضارة مصر القديمة.
الاستعدادات النهائية
تتواصل أعمال التجهيز داخل المتحف لتقديم تجربة ثقافية استثنائية، تشمل تجهيز قاعات العرض الدائمة، تحديث أنظمة الإضاءة والتكييف، وتدريب الكوادر البشرية وفقاً لأعلى المعايير.
وفي الوقت نفسه، تعمل الجهات المعنية على تطوير الشوارع والطرق المحيطة لتيسير حركة الزوار، بما في ذلك تطوير الطريق الدائري والطرق المؤدية إلى المتحف.
ومن المتوقع أن يعزز افتتاح المتحف مكانة مصر كوجهة ثقافية عالمية، وأن يستقطب ملايين الزوار سنويًا، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني من خلال فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، وزيادة العوائد السياحية والاستثمارية في القطاعات المرتبطة.
وبذلك، يُعد المتحف المصري الكبير مشروع القرن الثقافي والسياحي لمصر، ورسالة إلى العالم بأن الحضارة المصرية قادرة على الإبهار في كل العصور.






