في خطوة تعكس تحسن العلاقات الثنائية، استقبلت العاصمة السورية دمشق اليوم الخميس أولى الرحلات الجوية السعودية بعد انقطاع دام 12 عامًا.
وأقلعت طائرة تابعة لشركة “فلاي ناس”، وهي شركة طيران منخفض التكلفة، من مطار الملك خالد الدولي في الرياض لتصل إلى مطار دمشق الدولي، إيذانًا باستئناف رحلات الطيران المباشر بين البلدين.
وأوضحت “فلاي ناس” في تصريحات لصحيفة “الاقتصادية” السعودية أنها ستسيّر رحلتين أسبوعيًا من الرياض وجدة إلى دمشق خلال شهر يونيو الجاري، على أن تزيد وتيرة الرحلات إلى رحلة يومية ابتداءً من يوليو المقبل.
ويعكس هذا التوسع التزام الشركة بتسهيل حركة السفر للمواطنين السوريين والسعوديين، وإعادة ربط البلدين جوًا بعد سنوات من توقف الطيران المباشر.
يأتي هذا التطور في إطار تحولات دبلوماسية شهدتها العلاقات السعودية السورية، التي بدأت تشهد دفئًا ملحوظًا، وفقًا لتصريحات القائم بأعمال السفارة السورية في الرياض، حسين عبدالعزيز.
وأشار عبدالعزيز إلى أن إعادة تشغيل خط الطيران يمثل نقطة تحول مهمة في العلاقات بين الرياض ودمشق، ويمهد الطريق لمزيد من التواصل والتعاون في المرحلة المقبلة.
وتزامنًا مع هذا الإعلان، بدأت العديد من شركات الطيران الإقليمية والدولية استئناف رحلاتها إلى سوريا، ما من شأنه أن يخفف من معاناة المواطنين السوريين الذين اضطروا في السنوات الماضية إلى اللجوء لرحلات غير مباشرة عبر دول أخرى، ويعزز فرص عودة المغتربين إلى وطنهم.
على صعيد آخر، يسجل السوريون في السعودية إقبالًا متزايدًا للحصول على الوثائق الرسمية التي تتيح لهم العودة إلى بلادهم، في مؤشر على تزايد رغبة العودة بعد سنوات النزوح.
وتؤكد البيانات الدبلوماسية أن مئات السوريين يتقدمون يوميًا إلى السفارة السورية بالرياض لاستكمال إجراءات السفر.
تأتي هذه العودة التدريجية للحركة الجوية في سورية في أعقاب تحولات سياسية كبرى، كان أبرزها إنهاء حكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر 2024 عقب هجوم كبير شنته قوات المعارضة، لتنتهي بذلك حقبة عائلة الأسد التي استمرت لأكثر من خمسين عامًا.
وفي ضوء هذه التغيرات، يترقب المجتمع الدولي تحسن الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، رغم أن تحديات الإعمار وإعادة الاستقرار لا تزال قائمة.
وقد خلف النزاع في سوريا خسائر جسيمة، حيث تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 300 ألف شخص، ونزوح ما يقارب 7 ملايين داخل البلاد، في حين يعيش أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري خارج الحدود.
ولا تزال عملية إعادة اللاجئين تواجه صعوبات كبيرة، خاصة مع الأضرار الواسعة التي طالت البنية التحتية والضغوط الاقتصادية التي تثقل كاهل السوريين.
في إطار جهود إعادة بناء الدولة السورية، وقع الرئيس الجديد أحمد الشرع في مارس 2025 الإعلان الدستوري الجديد، بهدف رسم ملامح المستقبل السياسي للبلاد، ومع ذلك، يرى مراقبون أن تنفيذ الإصلاحات المنشودة يتطلب تعاونًا دوليًا واسع النطاق وزمنًا طويلًا لتجاوز التحديات الراهنة.
يُذكر أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا بارزًا في دعم مسار التسوية السورية، وساهمت في رفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، وذلك عقب لقاء جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الرياض، بحضور الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع.