واشنطن تفعل مضاعفة الرسوم على الصلب والألمنيوم وسط سباق تجاري لتقديم أفضل العروض


الاربعاء 04 يونية 2025 | 04:55 مساءً
الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم
الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم
محمد شوشة

بدء تنفيذ مضاعفة الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم بالتزامن مع مهلة تقديم "أفضل العروض"

دخلت مضاعفة الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، بالتزامن مع الموعد النهائي الذي حددته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشركاء التجاريين لتقديم ما وصفته بـ"أفضل العروض"، في محاولة لتفادي موجة جديدة من الرسوم العقابية المتوقع تفعيلها مطلع يوليو المقبل.

الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم

قال كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي إن المحادثات بين بروكسل وواشنطن تسير في الاتجاه الصحيح، رغم الانتقاد الأوروبي للرسوم الأمريكية الأخيرة باعتبارها خطوة لا تُسهم في تحسين المناخ التفاوضي، وفقًا لوكالة رويترز.

وجاءت هذه التصريحات عقب لقاء جمع المفاوض التجاري الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، مع الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير في باريس، حيث صرّح سيفكوفيتش للصحفيين بأن الجانبين توصّلا إلى قناعة بأن المفاوضات تسير بسرعة وفي الاتجاه الصحيح، موضحًا أن المحادثات الفنية لا تزال جارية في واشنطن، وستليها مشاورات على مستوى عالٍ، مشيراً إلى أن النقاشات أصبحت ملموسة للغاية، وأن الطرفين اتفقا على إعادة هيكلة الحوار التجاري ليشمل زوايا جديدة.

في الوقت نفسه، أعربت شركات أوروبية عن قلقها، ودعت الاتحاد الأوروبي لبذل أقصى الجهود من أجل إلغاء هذه الرسوم، في ظل اضطرابات كبيرة تواجهها الأسواق، خاصة سوق الألومنيوم، الذي شهد ارتفاعاً كبيراً في العلاوات السعرية تجاوز الضعف منذ بداية العام.

مضاعفة الرسوم على الصلب والألومنيوم

كان ترامب قد وقّع، مساء الثلاثاء، إعلاناً تنفيذياً يقضي بمضاعفة الرسوم على الصلب والألومنيوم إلى 50%، بعد أن كانت 25% منذ مارس، لتدخل حيز التنفيذ، وتنطبق هذه الرسوم على جميع الشركاء التجاريين باستثناء المملكة المتحدة، التي توصلت إلى اتفاق تجاري مبدئي مع الولايات المتحدة خلال فترة تعليق الرسوم البالغة 90 يوماً.

ويُتوقع أن تبقى كميات الواردات الأمريكية من هذين المعدنين مستقرة، رغم ارتفاع الأسعار، نتيجة محدودية الإنتاج المحلي، ما قد يؤدي إلى تقويض الطلب مع الوقت.

وأعرب سيفكوفيتش عن أسفه العميق لمضاعفة الرسوم الجمركية، مذكّراً بأن الاتحاد الأوروبي يواجه نفس التحدي الذي تواجهه الولايات المتحدة، وهو فائض الطاقة الإنتاجية في قطاع الصلب، ما يستدعي التعاون لا التصعيد.

موعد تقديم العروض

تنتظر إدارة ترامب من الشركاء التجاريين أن يقدموا يوم الأربعاء صفقات تتضمن تعهدات واضحة من شأنها تجنيبهم الدخول في دائرة الرسوم الانتقامية الجديدة، وكانت الإدارة الأمريكية قد جمّدت فرض هذه الرسوم منذ 9 أبريل، باستثناء الاتفاق مع المملكة المتحدة، الذي لا يزال في مرحلته الأولية.

من جهته، أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، عن ثقته بأن الرسوم الأميركية على الصلب البريطاني سيتم خفضها إلى الصفر خلال أسبوعين، فيما أشارت تقارير إلى أن واشنطن طلبت من الدول تقديم عروض تشمل مقترحات محددة بشأن التعريفات الجمركية والحصص المخصصة للمنتجات الأميركية، فضلاً عن خطط لمواجهة العوائق غير الجمركية.

في المقابل، وعدت الولايات المتحدة بتقديم ردود سريعة، تتضمن تحديد منطقة الهبوط التي قد تستقر عندها الرسوم الجمركية بعد انتهاء فترة التعليق في 8 يوليو. وتشمل السيناريوهات المطروحة الحفاظ على المعدل الحالي البالغ 10% أو زيادته بشكل كبير.

وبحسب مصدر مطلع، لم يتلقّ الاتحاد الأوروبي حتى الآن العرض الأمريكي المنتظر بهذا الشأن.

اضطرابات للشركات العالمية

أثارت هذه السياسات الجمركية الأميركية حالة من الارتباك في الأسواق العالمية، ما دفع العديد من الشركات لإعادة النظر في توقعاتها وخططها المستقبلية، فقد تخلّت مجموعة المشروبات الروحية الفرنسية "ريمي كوانترو" عن هدفها بتحقيق نمو في المبيعات بحلول عام 2030، مشيرة إلى أن الرسوم الجمركية والتباطؤ في السوق الأمريكية وحالة عدم اليقين أصبحت تشكّل خطراً على أدائها المالي الحالي والمستقبلي.

وفي السياق ذاته، حذرت شركة الصلب النمساوية "فوست ألبين" من أن الرسوم الجديدة ستؤثر سلباً على أرباحها، بينما أكدت جمعية معالجة الصلب والمعادن الألمانية (WSM)، التي تمثل نحو 5000 شركة، أن المنتجين الأمريكيين سيبحثون عن موردين لا تشملهم الرسوم الجمركية، وهو ما قد يؤدي إلى إخراج الشركات الألمانية من السوق.

وقال كريستيان فيتماير، المدير العام للجمعية، إن لا أحد يملك هوامش تمكّنه من استيعاب هذه الرسوم المتزايدة باستمرار، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى بذل كل ما بوسعه لتفادي صراع تجاري طويل الأمد.

الأثر على أقرب الشركاء

تُعد كندا والمكسيك من أكثر الشركاء التجاريين تأثراً بهذه الرسوم، إذ تستورد الولايات المتحدة نحو 25% من احتياجاتها من الصلب من الخارج، وتأتي كندا على رأس قائمة المصدرين، خاصة في الألومنيوم، حيث تصدّر وحدها إلى السوق الأمريكية ضعف ما تصدّره بقية الدول مجتمعة من العشرة الأوائل.

وفي هذا الصدد، قالت الحكومة الكندية إنها منخرطة في مفاوضات مكثفة وحيوية مع واشنطن لإزالة هذه الرسوم، بينما وصف وزير الاقتصاد المكسيكي مارسيلو إبرارد التعريفات بأنها غير عادلة وغير مستدامة، مشيراً إلى أن بلاده تستورد من الولايات المتحدة كميات من الصلب تفوق ما تصدّره إليها.

وفي جانب آخر، يتزايد القلق العالمي من هيمنة الصين على سوق المعادن الحيوية، خاصة في ظل القيود التي فرضتها على تصدير السبائك الأرضية النادرة، ما دفع شركات صناعة السيارات الأمريكية والعالمية إلى التحذير من احتمال تأخر الإنتاج بسبب صعوبة الحصول على هذه المواد الحيوية.