أسعار المنازل الأمريكية على مسار صاعد رغم ثبات الفائدة ومخاوف من عرقلة الرسوم الجمركية للبناء


الثلاثاء 03 يونية 2025 | 06:02 مساءً
أسعار المنازل الأمريكية
أسعار المنازل الأمريكية
محمد شوشة

يتوقع أن تشهد أسعار المنازل في الولايات المتحدة ارتفاعًا بنسبة 3.5% خلال عام 2024، مدفوعة بانخفاض مرتقب في أسعار الفائدة على الرهن العقاري، وذلك في وقت تواجه فيه سوق الإسكان تحديات جديدة بفعل السياسات الجمركية التي من المرجح أن تعيق بناء المساكن، لا سيما ذات الأسعار المعقولة، بحسب استطلاع أجرته وكالة "رويترز".

أسعار المنازل الأمريكية

وفقًا للاستطلاع، فإن متوسط الارتفاع السنوي المتوقع في أسعار المساكن سيستمر حتى عام 2027، ولكن بوتيرة أبطأ مما كان عليه في السنوات السابقة، لتُسجل بذلك أبطأ معدل منذ عام 2011، ويستند الاستطلاع إلى مؤشر S&P CoreLogic Case-Shiller المركب الذي يتابع حركة أسعار المساكن في 20 منطقة حضرية رئيسية.

ورغم التوقعات المتفائلة بشأن أسعار المنازل، إلا أن المحللين حذروا من استمرار الضغوط على القدرة الشرائية للمواطنين، نتيجة بقاء أسعار الفائدة على الرهن العقاري عند مستويات مرتفعة نسبيًا.

 ووفقًا لجيمس إيجان، استراتيجي الإسكان في "مورجان ستانلي"، فإن أسعار الفائدة لن تشهد تراجعًا كبيرًا على المدى القريب، مشيرًا إلى أن القدرة على تحمل تكاليف الشراء ستبقى محدودة حتى الربع الثالث من 2025 على الأقل.

متوسط سعر الفائدة على الرهن العقاري

تُظهر التوقعات أن متوسط سعر الفائدة على الرهن العقاري لمدة 30 عامًا سيبلغ 6.73% هذا العام، مقارنة بـ6.98% حاليًا، على أن يتراجع إلى 6.33% في 2025 و6.29% في 2027، وهي مستويات لا تزال مرتفعة مقارنة بالفترة التي سبقت جائحة كورونا، حينما وصلت الفائدة إلى نحو 3%.

وكان نفس المحللين قد عبّروا في استطلاع سابق قبل ثلاثة أشهر عن تفاؤلهم بشأن تحسن القدرة على تحمّل التكاليف وزيادة نشاط السوق، مدفوعًا بتوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن هذا التفاؤل تراجع في ظل إقرار الكونغرس مؤخرًا لحزمة إنفاق كبيرة ستضيف نحو 3.3 تريليون دولار إلى الدين العام بحلول عام 2034، ما أدى إلى ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل، وبالتالي خفّض احتمالات انخفاض ملموس في أسعار الفائدة.

وقال توماس رايان، الخبير الاقتصادي لدى "كابيتال إيكونوميكس"، إن سوق الإسكان لا يزال في مرحلة برودة نسبية، مشيرًا إلى أن البائعين يتأقلمون تدريجيًا مع الظروف الجديدة بعد سنوات من الارتفاع الحاد خلال جائحة كورونا.

الرسوم الجمركية عقبة أمام البناء

من ناحية أخرى، أعربت غالبية المشاركين في الاستطلاع عن مخاوفهم من تأثير السياسات التجارية، خصوصًا الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على مستقبل قطاع البناء، لا سيما في مجال المساكن ذات الأسعار المنخفضة.

وبحسب إيجان من مورغان ستانلي، فإن هذه الرسوم ستؤدي إلى ارتفاع تكاليف البناء، ما قد يُفضي إلى تراجع في عدد الوحدات المشيّدة، أو إلى تقليص مساحاتها أو كليهما، وأجمع 21 من أصل 24 خبيرًا على أن تلك السياسات ستؤدي إلى بناء عدد أقل من المساكن، فيما رأى اثنان أن الانخفاض سيكون كبيرًا جدًا.

وقال رايان إن سياسات ترامب التجارية والهجرية ذات الطابع التضخمي تمنع توفر مسار واضح لتخفيض تكاليف الاقتراض، وهو ما تحتاجه سوق الإسكان بشكل ملح، في ظل استمرار الفوائد المرتفعة.

انخفاض مبيعات المنازل واستمرار التحديات

تشير التوقعات إلى أن مبيعات المنازل الحالية، التي تمثل أكثر من 90% من إجمالي الصفقات، ستبقى مستقرة عند نحو 4 ملايين وحدة سنويًا في الربع المقبل، لترتفع بشكل طفيف إلى 4.1 مليون وحدة بنهاية 2024، ويظل هذا الرقم أقل بكثير من الذروة التي بلغتها السوق في أوائل 2021، عندما تجاوزت المبيعات 6.6 مليون وحدة.

ورغم التوقعات بخفض أسعار الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام، يرى خبراء مثل لورانس يون، كبير الاقتصاديين في الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين، أن الأمر يتطلب انخفاضًا ملموسًا في الفائدة بنحو 50 إلى 100 نقطة أساس  من أجل تحفيز نشاط الشراء.

وفيما قال نصف المشاركين فقط إن القدرة الشرائية لمشتري المنازل لأول مرة قد تتحسن خلال عام، تراجعت نسبة المتفائلين مقارنة باستطلاع فبراير، الذي أعرب فيه 62% عن تفاؤلهم بشأن التحسن.

وبينما تستعد الأسواق لفصل جديد من الترقب في قطاع العقارات الأمريكي، يبقى المشهد مشوبًا بالحذر في ظل الضغوط الاقتصادية والمالية المتشابكة التي تؤثر على كل من البائعين والمشترين على حد سواء.