قال الدكتور طارق فهمي استاذ العلاقات الدولية، إن موقف حركة حماس مرتبط بطبيعة الحال بالمتطلبات التي تلي التوصل إلى أي اتفاق، موضحًا أن القضية ليست مجرد قبول أو رفض، إذ لم يكن من المقبول أو المعقول أن توافق حماس على ما قُدّم إليها وكأنها تمنح شيكًا على بياض للطرف الآخر.
وأضاف، خلال مداخلة عبر زووم مع قناة الحدث: "المشكلة الأساسية تكمن في المتطلبات الخاصة بتنفيذ الاتفاق، حماس لم تطلب ضمانات بالمعنى التقليدي، لكنها طالبت ببعض الخطوات الإجرائية. وهنا يجب التمييز بين ما ورد في بيان الحركة، فجزء منه يتعلق بإجراءات وتدابير لا ترتبط بالقبول أو الرفض، بل هي متطلبات لإنجاح الاتفاق."
وأوضح أن حماس هي من وضعت الإطار المرحلي التدريجي لملف الأسرى، وأن القضية لا تتعلق بعدد المراحل بل بالإطار العام الذي يجب أن يعمل عليه الطرفان، تابعا: "هناك فقدان ثقة بين الجانبين، ورغم أن الجانب الإسرائيلي أبدى موافقة مبدئية، إلا أنه لم يقدم نقاطًا تفصيلية واضحة، كما لم يعرضها المبعوث الأمريكي بريت ماكغورك."
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية فتحت ثلاثة مسارات متوازية: أحدها عبر آدم بولر، وآخر مع مجموعة أمريكيين من أصول فلسطينية، والثالث الذي خرجت منه مسودة الاتفاق من يوفا. وأكد أن هذه المسارات مجتمعة هي التي أوصلت إلى حالة التحفظ التي أعلنتها حماس.
وتابع فهمي: "يجب التمييز بين المطالب الإجرائية لحماس، والنقاط الجوهرية في الاتفاق، فالنقطة الأولى تتعلق بالضمانات التي يلتزم بها الطرف الإسرائيلي، وهي ضرورية في آليات التفاوض، وتستلزم أدوات فعّالة من الوسيط الأمريكي. أما النقطة الثانية، فهي وضع حد أدنى من التوافق على الإجراءات الزمنية".
وأشار إلى أن هناك بعض التجاوزات من حماس في شروطها، خاصة تلك المتعلقة بالترتيبات الأمنية والانسحابات، لكنها أيضًا طرحت مطالب واقعية مثل فتح الممرات الإنسانية وإدخال المساعدات، مؤكدًا أنها أولويات وليست شروطًا.
وأوضح أن حماس لم تطلب انسحابات شاملة، بل انسحابات تكتيكية جزئية، وهذا يمكن مناقشته.
وأضاف فهمي: "المشكلة الآن: هل سنبدأ خطوة جديدة؟ هل سيتم تعديل الاتفاق؟ هذه الأسئلة مهمة، خصوصًا وأن السلوك الإسرائيلي لا يزال عسكريًا حتى صباح اليوم، حيث تتواصل العمليات في خان يونس مع تحركات استراتيجية كبيرة، وهو ما لا يساعد على بناء الثقة أو تحقيق الحد الأدنى من التوافق".
وردًّا على سؤال حول ما إذا كانت الأطراف تسوّف وتشتري الوقت، قال فهمي: "نعم، الطرفان يسوّفان. إسرائيل تسعى لتكريس واقع عسكري على الأرض ودفع حماس إلى الزاوية، في المقابل، حماس طرحت نقاطًا بعضها غير واقعي أو غير عقلاني".
وشدد على أن: "الوسيط الأمريكي لديه خبرة كافية، كما فعل في مراحل سابقة، ويجب أن يطرح أفكارًا خلاقة ومبدعة لتقريب وجهات النظر. فالقضية ليست صفقة صفرية تقوم على القبول أو الرفض".