يواصل الذهب أداءه القوي كـ"ملاذ آمن" للمستثمرين، محققًا مكاسب غير مسبوقة خلال الأشهر الأولى من عام 2025، ودافعًا كبريات المؤسسات المالية إلى رفع توقعاتها إلى مستويات غير معهودة، وسط رهانات تصل إلى 8900 دولار للأونصة خلال أربع سنوات فقط.
مكاسب تاريخية في خمسة أشهر فقط
خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، قفز الذهب بأكثر من 25%، في أفضل أداء فصلي منذ 18 عامًا. ومع تجاوز سعر الأونصة حاجز 3300 دولار حاليًا، بعد أن لامس مستوى 3500 دولار في أبريل، باتت سوق الذهب تشهد تدفقات استثمارية ضخمة تقدَّر بنحو 4 تريليونات دولار، وفق بيانات نقلتها قناة "سكاي نيوز عربية".
هذا الزخم دفع مؤسسات مالية كبرى، مثل جي بي مورغان وبنك أوف أميركا، إلى رفع سقف التوقعات إلى 4000 دولار للأونصة بحلول 2026، بينما توقعت شركة "إنكريمنتوم" أن يتجاوز السعر 8900 دولار في غضون أربع سنوات، في رهان واضح على تحولات عميقة في المشهد الاقتصادي العالمي.
طلب استثماري يتضاعف والبنوك المركزية تكدّس الذهب
في مقابلة مع برنامج "بزنس مع لبنى"، كشف أندرو نايلور، رئيس قسم الشرق الأوسط والسياسة العامة في مجلس الذهب العالمي، عن أن الطلب الاستثماري يشكل حاليًا 45% من إجمالي الطلب على الذهب، بعدما تضاعف بنسبة 170% منذ بداية العام. وأكد أن "المستثمرين يتجهون نحو الذهب كملاذ دفاعي في مواجهة تقلبات الأسواق وارتفاع معدلات التضخم".
ولفت نايلور إلى أن البنوك المركزية باتت تمثل 20% من الطلب العالمي، بعدما ضاعفت احتياطاتها من المعدن الأصفر خلال السنوات الثلاث الماضية، كرد فعل مباشر على تصاعد التوترات الجيوسياسية وفقدان الثقة في الدولار الأميركي.
آسيا تتصدر المشهد.. والصين تتفوق على أمريكا الشمالية
وأشار نايلور إلى تحول جغرافي لافت في خريطة الطلب، حيث تقود آسيا المشهد العالمي اليوم، مع تصدر الصين كأكبر مستهلك للذهب، تليها الهند، ثم الولايات المتحدة. ووفقًا لتقديراته، فقد ارتفع الطلب الصيني بنسبة 46% مقارنة بأمريكا الشمالية، ما يعكس تحولًا استراتيجيًا في مراكز القوة المالية.
وتشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى أن الطلب الاستثماري بلغ 1179 طنًا في عام 2024، بينما اشترت البنوك المركزية نحو 244 طنًا، وسجلت الصناعات التكنولوجية استهلاكًا بلغ 80 طنًا. أما قطاع المجوهرات، فاستحوذ على 33% من إجمالي الطلب العالمي.
الإمارات مركز عالمي لتجارة الذهب
في تطور لافت، أكد نايلور أن سوق الذهب في الإمارات العربية المتحدة بات يشكل أحد المراكز العالمية البارزة، متفوقًا في بعض الجوانب على الأسواق التقليدية في الصين والهند، بفضل البنية التحتية المتطورة، والمناخ الاستثماري المستقر، والثقة المتزايدة من قبل المستثمرين المحليين والدوليين.