الحكومة تطرح رؤيتها لحل أزمة الإيجار القديم.. هل نرى قانونًا يُرضي المُلاك والمستأجرين قريبًا؟


الثلاثاء 27 مايو 2025 | 08:37 مساءً
الإيجار القديم
الإيجار القديم
محمد شوشة

في أجواء مشحونة بالحوار والنقاش داخل أروقة مجلس النواب، تصدّرت أزمة الإيجار القديم المشهد التشريعي، وسط ترقب مجتمعي واسع لما ستؤول إليه ملامح القانون الجديد، تتصاعد وتيرة الاهتمام الشعبي والبرلماني بواحدة من أكثر القضايا الاجتماعية والاقتصادية تعقيدًا.

وتدور النقاشات حول مقترحات حكومية تهدف إلى معالجة تاريخية للأزمة الممتدة منذ عقود، مع الالتزام بتحقيق توازن حقيقي بين حقوق الملاك ومصالح المستأجرين، بما يحافظ على الاستقرار المجتمعي ويحمي الفئات الأضعف.

تعديلات قانون الإيجار القديم

يتضمن الطرح تعديلات جوهرية تمس العلاقة الإيجارية، تشمل زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية، ووضع أطر تنظيمية جديدة للعقود، فضلًا عن آليات حكومية مقترحة لتوفير بدائل سكنية للفئات المتأثرة، ويُطرح القانون المرتقب كضرورة تشريعية فرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي، وسط توافق عام على أهمية التدرج والمرونة في التطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت الكبير بين المناطق المختلفة من حيث الدخل والقيمة العقارية.شقق

وفي خضم هذه المناقشات الموسعة، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، أن الحكومة تولي اهتمامًا بالغًا بالقضية وتسعى إلى صياغة مشروع قانون متوازن يحقق العدالة ويحافظ على الاستقرار المجتمعي، دون الانحياز لطرف على حساب الآخر، سواء كان مالكًا أو مستأجرًا.

وخلال اجتماع مشترك ضم عددًا من اللجان البرلمانية، شدد فوزي على أن الحكومة قدمت رؤيتها لحل أزمة الإيجار القديم، استنادًا إلى المعطيات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، موضحًا أن مشروع القانون المقدم يستهدف معالجة جذرية لأزمة تعود إلى فترات تاريخية شهدت ندرة كبيرة في المعروض من الوحدات السكنية، ما دفع المشرّع آنذاك لإقرار قوانين استثنائية لحماية المستأجرين.

وأضاف أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت نحو 39 حكمًا بشأن قوانين الإيجارات، من بينها 26 حكمًا بعدم الدستورية، وهو ما يفرض تدخلاً تشريعيًا عاجلًا.

تحرير العلاقة الإيجارية خلال خمس سنوات

نفى الوزير ما نُسب إليه من تصريحات بشأن وجود توجيهات عليا لتحرير العلاقة الإيجارية خلال خمس سنوات، أو أن عدم صدور القانون سيؤدي لطرد المستأجرين، مؤكدًا أن هذه الأقوال لا تمثله، وأن السلطة التشريعية هي اختصاص حصري لمجلس النواب، فيما تظل الحكومة جهة مقترحة ومنفذة.

رفع القيمة الإيجارية وزيادة 15%سنويًا

أوضح فوزي أن الطرح الحكومي المقترح يتضمن رفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية 20 ضعفًا، ولغير السكنية 5 أضعاف، مع تطبيق زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات، يعقبها تحرير العلاقة الإيجارية بين الطرفين، بحيث يخضع العقد لاتفاق حر بين المالك والمستأجر، مشيرًا إلى أن الحكومة تدرس مقترحات النواب بدقة، لا سيما ما يتعلق بالتدرج في تطبيق الزيادة حسب المناطق السكنية.

وأشار إلى أن المادة (7) من مشروع القانون التي تنص في مشروع الحكومة على منح أولوية للمستأجرين في الحصول على وحدات ببرامج الإسكان التي تنظمها الدولة، تحتاج لتدعيم بحيث تصبح صياغتها أوضح مع أهمية أن يضع ضوابط وشروط وقواعد مجلس الوزراء، وليس بالضرورة أن تتفق مع القواعد والشروط التي يحصل بموجبها المواطنين على الإسكان الاجتماعي، مؤكدًا اهتمام الحكومة بما يجري في جلسات الاستماع وبحث ودراسة المقترحات.

وجدد الوزير محمود فوزي، ثناء الحكومة على المقترح الخاص بشأن التدرج في الأجرة لأن هناك أماكن بالمدن لكنها شديدة الفقر، مشيرًا إلى دراسة المقترح الذي يتضمن ثلاث مستويات الحد الأدنى 1000 جنيه في المناطق الراقية و750 جنيهًا في المناطق المتوسطة و500 جنيه في المناطق الأقل من متوسطة.

دراسة تدرج الحد الأدنى بحسب القيمة والمساحة والمكان

في الوقت ذاته، شدد وزير الشئون النيابية، على أن سلطة التشريع في يد المجلس، بينما تجري الآن دراسة تدرج الحد الأدنى بحسب القيمة والمساحة والمكان، موضحًا أن الضوابط والقواعد والشروط يضعها مجلس الوزراء ومهما تم الاجتهاد بها يصعب النص عليها وحصرها في القانون.

كما أشار الوزير إلى وجود تنسيق كامل مع المحافظات الكبرى، وخاصة القاهرة والإسكندرية والجيزة والقليوبية، باعتبارها مناطق ذات كثافة في عدد الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، موضحًا أن البيانات والإحصاءات التي قدمها المحافظون ستكون مرجعية مهمة في صياغة النصوص النهائية للقانون.

تخصيص شقق الإسكان للمتضررين من الإيجار القديم

فيما يخص الجانب الاجتماعي، أكد فوزي أن مشروع القانون يتضمن مادة تمنح أولوية في تخصيص الوحدات السكنية التي تبنيها الدولة للأشخاص المتضررين من تنفيذ القانون، خاصة الفئات الأكثر احتياجًا، مشيرًا إلى أنه سيتم إنشاء منصة إلكترونية للتقديم، يُنظم عملها بقرار من رئيس مجلس الوزراء حال إقرار القانون.

وفي جلسة استماع برلمانية، أشار فوزي إلى أن المادة السابعة من مشروع القانون بحاجة إلى تدعيم وتوضيح الضوابط، مشددًا على أهمية ألا تتعارض هذه الضوابط مع قواعد برامج الإسكان الاجتماعي، مع ترك تحديد المعايير لمجلس الوزراء.

كما نبه الوزير إلى أن عدم صدور القانون من شأنه خلق فوضى تشريعية وقانونية، إذ سيلجأ المتنازعون إلى المحاكم دون وجود نص قانوني حاكم، ما سيفتح الباب أمام دعاوى جماعية لطلب تقدير الأجرة، وسيؤدي إلى تعطيل مصالح المواطنين وزيادة الضغط على المحاكم.

واختتم فوزي تصريحاته بالتأكيد على أن البرلمان هو صاحب الكلمة الفصل في التشريع، وأن الحكومة تلتزم بما يقره المجلس، مع الاستمرار في حضور جلسات النقاش لتقديم المعلومات والدعم الفني اللازم لصياغة قانون يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين ويخدم الصالح العام. 

الإيجار القديم
الإيجار القديم
الإيجار القديم