في السنوات الأخيرة، شهدت الصين تطورًا ملحوظًا في قطاع التكنولوجيا، لتحقق مكانة عالمية كأحد القوى التكنولوجية الكبرى في العالم.
ومن بين العديد من العوامل التي ساهمت في هذا التحول، كانت شركة أبل الأمريكية واحدة من القوى الموجهة بشكل غير مباشر لهذا التحول، بفضل استثماراتها الضخمة في الصين وإنتاجها الضخم هناك. كتاب جديد يكشف عن هذا التعاون بين أبل والصين، ويستعرض كيف ساعدت هذه العلاقة في تشكيل المستقبل التكنولوجي للبلاد.
الصين وأبل: شراكة استراتيجية بدأت منذ عام 2001
لقد كانت الصين تعتبر أكبر مركز إنتاج لشركة أبل على مستوى العالم منذ بداية الألفية الجديدة، إذ بدأت الشركة الأمريكية في نقل مصانعها إلى الصين في عام 2001.
وقد أتاح هذا التحول لشركة أبل القدرة على تصنيع منتجاتها بكميات ضخمة وبأسعار تنافسية، لكن التعاون بين أبل والصين لم يكن مجرد شراكة اقتصادية فحسب، بل كان له أبعاد استراتيجية تتعلق بالانتقال التكنولوجي للصين.
من "الإنتاج" إلى "الابتكار"
على مدار السنوات، لم تقتصر العلاقات بين الصين وأبل على مجرد إنتاج الهواتف والأجهزة الذكية، بل تطورت لتشمل استثمارات في البحث والتطوير. مع مرور الوقت، بدأت الصين في الاستفادة من التكنولوجيا التي نقلتها الشركات العالمية مثل أبل، وبدأت في تطوير قدراتها المحلية في مجال تصنيع الإلكترونيات، والتوسع في البحث التكنولوجي.
مع تصاعد اهتمام الصين بالتكنولوجيا المتقدمة، أسهمت أبل في تعزيز قدرات مصانعها على الابتكار، مما ساعد في تدريب القوى العاملة الصينية على التقنيات الحديثة.
وبدلاً من أن تبقى مجرد مكان لتجميع الأجهزة، أصبح العديد من الشركات الصينية الموردة لشركة أبل قادرًا على تطوير تقنيات جديدة وابتكارات تكنولوجية، مما ساهم في انتقال الصين من "المصنع العالمي" إلى "مركز الابتكار العالمي".
الكتاب يكشف أسرار العلاقة: من التعاون إلى المنافسة
في الكتاب الجديد الذي تم نشره مؤخرًا، يروي المؤلف كيف كانت أبل حاضرة بشكل غير مباشر في تمكين الصين لتصبح قوة تكنولوجية عالمية. يتناول الكتاب أسرار العلاقة بين أبل وصين، حيث يشرح كيف ساعدت شركة أبل في خلق بيئة تنافسية شجعت الشركات الصينية على تحقيق طفرة تكنولوجية.
كما يُشير الكتاب إلى التحديات التي واجهتها أبل في الصين وكيف تحول التعاون بين البلدين إلى منافسة في بعض الأحيان، خاصة عندما بدأت الشركات الصينية الكبرى مثل هواوي و شاومي في مضاهاة أبل في إنتاج الهواتف الذكية والتوسع في الأسواق العالمية.
الكتاب يستعرض كيف تمكنت الشركات الصينية، التي كانت في البداية مجرد مورّدين للمنتجات التكنولوجية لشركة أبل، من تحسين قدراتها المحلية لتصبح الآن رائدة في مجال الإلكترونيات، مما شكل تهديدًا غير مباشر لأبل على المدى الطويل.
أبل وأثرها على تطوير البنية التحتية الصينية
إضافة إلى دور أبل في تطوير التصنيع والإبداع التكنولوجي في الصين، يلقي الكتاب الضوء على التأثير الذي أحدثته هذه الشراكة في البنية التحتية للصناعة الصينية.
وقد ساعدت أبل الصين في تحسين شبكة التوريد العالمية، مما جعلها في النهاية مركزًا رئيسيًا للتكنولوجيا الحديثة في العالم. كما أسهمت مصانع أبل في إنشاء شبكة من الموردين المحليين والمصانع الصغيرة والمتوسطة التي ساعدت على ضخ المزيد من الاستثمارات الأجنبية في الصين.
الاقتصاد الصيني والتحول الرقمي: رؤية المستقبل
اليوم، تعد الصين واحدة من أكبر اقتصادات العالم، وقوة تكنولوجية عظمى. هذا النجاح لا يمكن أن يُنسب فقط إلى الشركات الصينية المحلية، بل أيضًا إلى الشركات الأجنبية الكبرى مثل أبل التي كانت أحد الركائز الأساسية التي ساعدت في بناء هذا النجاح.
في الوقت الذي أضحت فيه الصين قادرة على الابتكار والتوسع في صناعات متنوعة، لا تزال تواصل جذب الاستثمارات الأجنبية التي تساعد على استمرار تحولات الاقتصاد الرقمي في البلاد.
الخاتمة: من الشراكة إلى المنافسة العالمية
إن القصة بين أبل والصين ليست مجرد قصة عن شراكة تجارية أو اقتصادية، بل هي قصة طويلة ومعقدة عن كيف يمكن للتعاون بين القوى الاقتصادية الكبرى أن يتحول إلى منافسة شرسة.
مع تطور الابتكار التكنولوجي في الصين، أصبحت الدولة ليست فقط أكبر مصنع للأجهزة التكنولوجية، بل مركزًا عالميًا للابتكار في مجالات متعددة من الذكاء الاصطناعي إلى السيارات الكهربائية.
ومع استمرار الشركات الصينية في التفوق على أسواق معينة، لا يُمكننا إلا أن ننتظر لنرى كيف ستظل أبل، وغيرها من الشركات الكبرى، تتكيف مع هذه التحولات.
كشف أسرار "إمبراطورية" أبل في #الصين.. كتاب يتحدث عن كيفية تحول الصين إلى قوة تكنولوجية عالمية#نشرة_الخامسة #قناة_العربية pic.twitter.com/1igJVYuC0l
— العربية (@AlArabiya) May 26, 2025