وصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، السبت، إلى العاصمة الإسبانية مدريد للمشاركة في اجتماع موسع للجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلّفة من القمة المشتركة غير العادية، لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة، بالإضافة إلى سلسلة اجتماعات دبلوماسية مع ممثلي مجموعة مدريد وعدد من الدول الأوروبية، في إطار تحركات عربية متسارعة لاحتواء التصعيد الإسرائيلي ووقف الحرب في القطاع.
وذكرت وزارة الخارجية السعودية، في بيان رسمي، أن جدول الأعمال يشمل مناقشة التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، والجهود الدولية الساعية إلى إنهاء القتال وتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، الذي يواجه ظروفًا معيشية كارثية نتيجة القصف المستمر والانهيار شبه الكامل في البنية التحتية الطبية والإنسانية.
اجتماعات دبلوماسية مكثفة.. وباريس محطة محورية
وجاءت زيارة وزير الخارجية السعودي إلى مدريد بعد يوم واحد فقط من اجتماع رباعي عقد في باريس، شارك فيه وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن، إلى جانب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، حيث ناقش الوزراء سبل تنسيق الجهود العربية والأوروبية في دعم الحل السياسي العادل والدائم للقضية الفلسطينية.
وتركزت النقاشات في باريس على تفعيل الدور الإقليمي والدولي في وقف إطلاق النار بشكل عاجل، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بأمان وسرعة إلى المدنيين داخل قطاع غزة، مع التأكيد على أن الحل السياسي المستند إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية يبقى الخيار الوحيد القابل للاستمرار.
نيويورك تستعد لمؤتمر دولي لحل الدولتين
وفي السياق نفسه، تستعد الأمم المتحدة في نيويورك لاحتضان المؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل حل الدولتين، المقرر عقده في الفترة من 17 إلى 20 يونيو المقبل، بقيادة مشتركة من المملكة العربية السعودية وفرنسا، وبمشاركة عدد كبير من الدول الأعضاء والمنظمات الدولية.
وفي الاجتماع التحضيري للمؤتمر، الذي انعقد الجمعة، أكدت منال رضوان، المستشارة بوزارة الخارجية السعودية ورئيسة وفد المملكة، أن المؤتمر يشكّل "فرصة تاريخية لتصحيح المسار"، مشددة على أن السلام الشامل والعادل لا يمكن تحقيقه دون قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشارت رضوان إلى أهمية إنهاء الاحتلال ووقف العنف والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، مؤكدة أن هذه القضايا لا يمكن معالجتها بشكل منفصل عن الحل السياسي الشامل الذي يعالج جذور الصراع ويعزز من استقرار المنطقة.
التحالف العالمي وتنظيم الجهود
ويسعى المؤتمر إلى إطلاق "التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين"، وهو مبادرة تقودها السعودية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج، بهدف دفع المجتمع الدولي لتبني خطوات ملموسة تدعم المسار السياسي، بما في ذلك تنظيم جهود إعادة الإعمار وتثبيت وقف إطلاق النار.
وشهد الاجتماع التحضيري استعراضًا لمساهمات 19 دولة ومنظمة ترأس مجموعات العمل المنبثقة عن المؤتمر، حيث جرى تقديم إحاطات حول التقدم المحرز في إعداد التوصيات والمخرجات المنتظرة، وسط إشادة دولية بالقيادة السعودية والفرنسية لهذا التحرك.
وأعربت الدول المشاركة عن دعمها الكامل للمؤتمر وجهوده، وأكدت التزامها بتقديم مقترحات عملية تساهم في إنجاح المؤتمر المنتظر، والذي يُعوّل عليه في إعادة تفعيل المسار السياسي الفلسطيني الإسرائيلي بعد سنوات من الجمود.