قال الدكتور خالد التركاوي، الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري، إن قرار رفع العقوبات عن عدد من القطاعات الحيوية في سوريا يحمل دلالات سياسية واقتصادية كبيرة، مشيرًا إلى أن أبرز الانعكاسات المباشرة ستكون على المواطن السوري من خلال تحفيز الاقتصاد وخلق فرص جديدة للعمل والاستثمار.
وأضاف التركاوي، في لقاء متلفز، أن "إزالة البنك التجاري السوري من قوائم العقوبات تُعد الخطوة الأهم في المرحلة الراهنة، كونه أكبر وأقدم بنك في البلاد، وكان خاضعًا للعقوبات منذ ما قبل عام 2011 بسبب ارتباطات سابقة مع إيران".
ووصف التركاوي رفع العقوبات بـ"فتح باب حديقة مغلقة"، مؤكدًا أن هذه الخطوة تتيح المجال للمواطنين والمستثمرين للبدء بغرس مشاريعهم داخل سوريا، معربًا عن أمله بأن تكون هذه البداية لرفع شامل للعقوبات.
قطاعات واعدة للمستثمرين
وحول أبرز القطاعات التي يُنصح بالاستثمار فيها حاليًا، اعتبر التركاوي أن الزراعة والصناعات الغذائية المرتبطة بها تُعد الأقل مخاطرة، تليها الصناعات النسيجية التي يتمتع فيها العمال السوريون بخبرة كبيرة، فضلًا عن انخفاض تكاليف الأجور. وأضاف أن أي قطاع يعتمد على كثافة العمالة ويتطلب رؤوس أموال متوسطة أو محدودة هو خيار واعد في هذه المرحلة.
وفي ما يتعلق بقطاع السياحة، أشار التركاوي إلى أن دوره الاقتصادي قبل 2011 كان محدودًا بسبب ضعف الاستثمارات فيه، إضافة إلى بعض التحديات الإدارية. وأوضح أن الموقع الجغرافي لسوريا وتنوعها البيئي والثقافي يمكن أن يوفرا قاعدة قوية لإعادة تنشيط السياحة، لكنه شدد على أن هذا القطاع يتطلب بنية تحتية متكاملة تشمل خدمات النقل، الإنترنت، والكهرباء.
آفاق قطاع النفط والغاز
وبخصوص قطاع الطاقة، قال التركاوي إن إنتاج النفط السوري حاليًا يتراوح بين 50 إلى 60 ألف برميل يوميًا، يُستهلك معظمها محليًا، ولا يُتوقع أن تدخل الأسواق العالمية على المدى القصير بسبب غياب الشركات الكبرى. لكنه أشار إلى أن رفع العقوبات قد يُمهّد الطريق لدخول استثمارات جديدة تؤدي إلى زيادة الإنتاج إلى نحو 100 إلى 150 ألف برميل يوميًا في المستقبل، يُصدّر منها ما يصل إلى 80 ألف برميل.
أما في قطاع الغاز، فأكد أن هناك اكتشافات واعدة في شرق المتوسط، قد تتيح لسوريا الدخول في سوق الغاز العالمية خلال خمس سنوات أو أكثر، في حال توفرت البيئة المناسبة للاستثمار.
عودة الحوالات وتحفيز الليرة
في سياق آخر، لفت الدكتور التركاوي إلى أن عودة سوريا إلى نظام "سويفت" المالي ستُحدث فرقًا كبيرًا في دعم الاقتصاد الوطني. وقال إن آلاف السوريين العاملين بنظام العمل الحر (freelance) واجهوا صعوبات كبيرة في تلقي الأموال من الخارج بسبب العقوبات، حتى بالنسبة لمبالغ صغيرة. ومع رفع القيود، أصبح بإمكان هؤلاء الاستفادة من النظام المالي العالمي.
وأضاف أن رفع العقوبات سيُسهل على السوريين المقيمين في الخارج تحويل الأموال إلى ذويهم، كما أنه قد يشجع على عودة بعض الكفاءات والعقول السورية إلى البلاد، خاصة ممن يرتبطون باقتصادات الدول التي استضافتهم، ويتحدثون لغات أجنبية كالإنجليزية والألمانية والتركية.
ضمانات وآليات رقابة
وفيما يتعلق بالالتزام بشروط القرار الأميركي، الذي يستثني دولًا مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية من الاستفادة من رفع العقوبات، أكد التركاوي أن هناك آليات رقابة مالية واقتصادية فاعلة داخل مصرف سوريا المركزي، موضحا أن المصرف يعمل بموجب قانون حوكمة يخضع لمراجعات دورية، حتى من قبل لجان متخصصة في الكونجرس الأمريكي.