في خطوة رائدة لتعزيز الاستدامة البيئية ونشر المعرفة حول أهمية التربة، أعلن كل من صندوق أبوظبي للتنمية والمركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا) عن إطلاق أول برنامج إقليمي مخصص لمتاحف التربة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك في إطار شراكة استراتيجية تستهدف دعم الجهود العلمية والتوعوية في مجال الزراعة البيئية والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
وجاء الإعلان عن هذه المبادرة خلال الدورة الرابعة من مبادرة “اصنع في الإمارات”، التي أُقيمت في العاصمة أبوظبي بتاريخ 21 مايو 2025، وشهدت توقيع اتفاقية التعاون بين الجانبين بحضور سعادة محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، وسعادة الدكتورة طريفة الزعابي، مدير عام مركز إكبا، إلى جانب عدد من المسؤولين والخبراء في المجالات البيئية والزراعية.
برنامج متكامل لتأسيس متاحف التربة في المنطقة
يتضمن البرنامج وضع دليل شامل لإنشاء وتشغيل متاحف التربة، يهدف إلى الحفاظ على هذا المورد الحيوي من خلال تعزيز الممارسات الزراعية المستدامة ونشر الوعي المجتمعي بأهمية التربة في دعم الأمن الغذائي والتوازن البيئي. كما سيتضمن البرنامج تدريبات فنية وورش عمل مخصصة لبناء القدرات المؤسسية والفردية في الدول المستهدفة، وذلك لضمان الاستفادة القصوى من محتوى المتاحف وتحقيق الأثر الإيجابي المنشود.
وسيقوم مركز إكبا بقيادة الجوانب الفنية والعلمية للبرنامج، مستندًا إلى خبرته الطويلة في إدارة الموارد الطبيعية في البيئات الجافة، وخاصة في ما يتعلق بمشاريع التربة والملوحة والتغير المناخي.
ويُعد “متحف الإمارات للتربة” الذي تأسس في ديسمبر 2016 بدعم من صندوق أبوظبي للتنمية نموذجًا حيًا على قدرة المركز في تنفيذ مشاريع توعوية ناجحة، حيث استقبل المتحف أكثر من 13,500 زائر منذ إنشائه، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا من المجتمع بمفاهيم الزراعة المستدامة والتنوع البيئي.
ندوة علمية دولية في ديسمبر 2025
وفي إطار الاتفاقية، أعلن الطرفان عن تنظيم ندوة دولية كبرى ستُعقد في 5 ديسمبر المقبل، تزامنًا مع اليوم العالمي للتربة.
ومن المتوقع أن يشارك في الندوة أكثر من 200 من الخبراء والباحثين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، لبحث أبرز التحديات المتعلقة بالتربة والملوحة وتغير المناخ، بالإضافة إلى استعراض أفضل الممارسات في مجال الحفاظ على التربة في المناطق الجافة.
التزام إماراتي بأهداف التنمية المستدامة
تعكس هذه المبادرة توجه دولة الإمارات المستمر نحو تعزيز مكانتها كمركز عالمي للمعرفة البيئية والابتكار العلمي، بما يتماشى مع “رؤية الإمارات 2030” واستراتيجيتها للحياد المناخي 2050.
كما تعبر عن التزام صندوق أبوظبي للتنمية بتوسيع أثره التنموي ليشمل المشاريع البيئية والتعليمية التي تخدم الأجيال القادمة.
وفي هذا السياق، صرّح سعادة محمد سيف السويدي أن الاتفاقية تمثل امتدادًا لجهود الصندوق في تمويل المبادرات التنموية المستدامة، مؤكدًا أن دعم متاحف التربة يسهم في خلق وعي مجتمعي أعمق بأهمية البيئة ويدعم قطاع الزراعة في البيئات الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية.
ومن جهتها، أكدت الدكتورة طريفة الزعابي أن الشراكة مع صندوق أبوظبي للتنمية تشكل حجر الأساس لتوسيع نطاق المبادرات التعليمية والعلمية التي يقودها المركز، لافتة إلى أن متحف الإمارات للتربة أصبح اليوم نموذجًا عالميًا يحتذى به في التوعية البيئية والتعليم غير التقليدي.
خطوة نحو بيئة أكثر استدامة
تأتي هذه المبادرة النوعية في وقت تزداد فيه الحاجة العالمية إلى إدارة أكثر كفاءة للموارد البيئية، لا سيما في المناطق الجافة التي تواجه تحديات مضاعفة بفعل تغير المناخ وشح المياه. ومن خلال متاحف التربة، تسعى الإمارات إلى ترسيخ ثقافة الاستدامة والوعي البيئي، وفتح المجال أمام المجتمعات لتبني حلول علمية تضمن مستقبلًا أكثر أمنًا بيئيًا وغذائيًا.