تشهد الأسواق المالية العالمية حالة من الاضطراب المتزايد، بعد أن تسببت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إشعال موجة جديدة من التقلبات، كان آخرها خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من Aaa إلى Aa1، إلى جانب تجدد التوترات التجارية الناتجة عن الرسوم الجمركية.
هذه التطورات انعكست فورا على مؤشرات الأسهم الأمريكية والعالمية وأسعار الذهب وسوق العملات بما فيها دولار هونغ كونغ، في ظل ترقب حذر لما ستؤول إليه الأحداث هذا الأسبوع.
خفض التصنيف الائتماني الأمريكي
وفي خطوة أربكت الأسواق، خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مساء الجمعة التصنيف الطويل الأجل للحكومة الأمريكية، مرجعة القرار إلى تفاقم العجز المالي، وزيادة تكلفة خدمة الدين العام في ظل أسعار الفائدة المرتفعة.
وبهذا تنضم موديز إلى وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش، اللتين قامتا بخفض التصنيف الأمريكي سابقا في 2011 و2023 على التوالي، وجاء القرار في وقت تشهد فيه الإدارة الأمريكية مناقشات حادة حول مشروع قانون للضرائب والإنفاق، ما يزيد من الغموض السياسي والمالي.
رد فعل الأسواق.. تراجع جماعي للأسهم وصعود في الذهب
وما أن تم الإعلان عن الخفض حتى هوت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز بنحو 330 نقطة (0.8 في المئة) مساء الأحد، في حين تراجعت العقود المرتبطة بمؤشري إس آند بي 500 وناسداك 100 بنسبة 1 في المئة و1.3 في المئة على التوالي.
وتزامن ذلك مع تراجع الأسهم الآسيوية، إذ انخفض مؤشر نيكاي في اليابان بنسبة 0.7 في المئة، والكوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 1.1 في المئة، ومؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.5 في المئة.
أما الذهب فقد عكس اتجاهه التصحيحي، ليرتفع بعد ستة أسابيع من الخسائر، مدفوعا بإقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة.
وولمارت هدف جديد لترامب.. والتكلفة بالمليارات
وفي خضم هذه الاضطرابات، عاد الرئيس ترامب لفتح جبهة جديدة عبر مطالبة شركة وولمارت بتحمل كلفة الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية، بدلا من تمريرها إلى المستهلكين.
وتشير التقديرات إلى أن 70 في المئة من منتجات الشركة في فئة «البضائع العامة» مصدرها الصين، ما قد يضيف ما يقارب 8.7 مليار دولار إلى تكاليفها الفصلية، في وقت لم تتجاوز فيه أرباحها التشغيلية للربع الأول 7.1 مليار دولار، وهنا الرسالة كانت واضحة، ترامب يريد من الشركات الأمريكية أن «تدفع الثمن» ضمن حربه التجارية المتصاعدة.
الاقتصاد الصيني بين الصمود والضغوط
وعلى الطرف الآخر من العالم، أظهرت البيانات الصينية لشهر أبريل نيسان تباطؤا في نمو الإنتاج الصناعي من 7.7 في المئة في مارس آذار إلى 6.1 في المئة، وإن كانت النسبة أعلى من التوقعات، أما مبيعات التجزئة فقد سجلت نموا بنسبة 5.1 في المئة فقط، مخيبة للآمال.
ويعزى ذلك جزئيا إلى استمرار آثار الرسوم الجمركية الأمريكية على ثقة المستهلكين وسلوك الإنفاق، وبالرغم من الاتفاق الأخير بين واشنطن وبكين لتجميد التصعيد التجاري لمدة 90 يوما، فإن المحللين يرون أن نهج ترامب غير المتوقع لا يزال يلقي بظلال ثقيلة على آفاق الاقتصاد الصيني.
دولار هونغ كونغ يتراجع مع زيادة السيولة
وفي سياق متصل، شهد دولار هونغ كونغ تراجعا إلى أدنى مستوى له منذ عام تقريبا أمام الدولار الأمريكي، على خلفية انخفاض أسعار الفائدة قصيرة الأجل (HIBOR) وتزايد السيولة المصرفية الناتجة عن تدخلات مؤسسة النقد المحلية.
هذه البيئة دفعت المستثمرين للعودة إلى استراتيجية «الكاري تريد»، التي تستفيد من فارق الفائدة بين العملات، وعلى الرغم من أن التراجع لا يعزى إلى فقدان الثقة في ربط العملة، فإن المحللين يتوقعون أن تبقى الظروف الحالية مؤقتة لحين استقرار الأوضاع.
أسواق في حالة ترقب.. وأي تغريدة قد تشعلها
في المجمل، تعكس هذه التطورات تزايد هشاشة الأسواق المالية أمام السياسات الأمريكية غير المتوقعة، وسط غياب مؤشرات اقتصادية قوية قادرة على تهدئة المخاوف.
وبينما تترقب وول ستريت نتائج أرباح شركات التجزئة والتكنولوجيا هذا الأسبوع، يظل المزاج الاستثماري متقلبا، والأسواق على أهبة الاستعداد لأي قرار مفاجئ أو تغريدة مثيرة من البيت الأبيض قد تغير كل الحسابات.