يحتفل الفنان الكبير عادل إمام بعيد ميلاده الـ 85، اليوم السبت، الموافق 17 مايو 2025، بعد مسيرة فنية تمتد لأكثر من ستة عقود، تحوّل خلالها من شاب مسرحي صاعد إلى أيقونة لا تغيب عن ذاكرة الفن المصري والعربي، وواحد من أبرز المؤثرين في صناعة السينما والمسرح والدراما في العالم العربي.
البدايات من شها إلى السيدة زينب
وُلد عادل إمام في قرية شها بمحافظة الدقهلية عام 1940، قبل أن ينتقل إلى حي السيدة زينب في القاهرة، حيث نشأ وتلقى تعليمه، ورغم حصوله على ليسانس الزراعة من جامعة القاهرة، لم يكن طريقه موجهًا نحو الزراعة، بل نحو المسرح الجامعي، الذي فتح أمامه بوابة الفن.
ألتحق بمسرح التلفزيون في بدايات الستينيات، وبدأ بأدوار صغيرة على خشبة المسرح وفي السينما، إلا أن جاذبيته الكوميدية وذكاؤه الاجتماعي ساهما سريعًا في ترسيخ مكانته بين الجمهور.
حياة شخصية متزنة خلف الكواليس
رغم النجومية الواسعة، عرف عادل إمام بحرصه على إبقاء حياته العائلية بعيدًا عن الأضواء، فقد تزوج من السيدة هالة الشلقاني، واستمر زواجهما لأكثر من خمسين عامًا، أنجب خلالها ثلاثة أبناء: رامي إمام، مخرج ومؤلف معروف، ومحمد إمام، نجم سينمائي صاعد، وابنته سارة التي اختارت الحياة بعيدًا عن الفن.
من آلاف إلى ملايين: مسيرة أجور عادل إمام
عادل إمام لم يكن فقط فنانًا ناجحًا، بل أيضًا أحد أعلى الفنانين أجرًا في تاريخ السينما المصرية. وشهدت أجوره تطورًا لافتًا يعكس نجاحه الجماهيري وتأثيره الفني:
عام 1980: تقاضى 60 ألف جنيه عن فيلم غاوي مشاكل، وكان وقتها الأعلى بين زملائه.
عام 1997: ارتفع أجره إلى 1.2 مليون جنيه عن فيلم رسالة إلى الوالي.
عام 2007: تلقى 10 ملايين جنيه عن مرجان أحمد مرجان، ليحقق رقمًا قياسيًا وقتها.
عام 2010: طلب 16 مليون جنيه عن فيلم زهايمر، رغم تراجع إيرادات فيلمه السابق بوبوس إلى 15 مليون جنيه فقط.
وفي المسرح، استمرت مسرحيته الأشهر "بودي جارد" لأكثر من 11 عامًا، لتصبح واحدة من أطول العروض المسرحية في العالم العربي.
أفلام لا تُنسى.. وأرقام تُحفظ
شارك الزعيم في أكثر من 120 فيلمًا سينمائيًا، كثير منها ترك بصمة في الوجدان العربي:
رجب فوق صفيح ساخن (1979): تجاوزت إيراداته مليون جنيه، في وقت كانت فيه السينما المصرية نادرًا ما تحقق هذا الرقم.
الإرهاب والكباب (1992): فيلم سياسي اجتماعي تناول البيروقراطية والمجتمع بشكل ساخر.
مرجان أحمد مرجان (2007): فيلم كوميدي ذكي جمع بين الضحك والرسائل الاجتماعية، وحقق إيرادات ضخمة تخطت 23 مليون جنيه.
رغم أن أفلامه لم تتصدر قائمة أعلى الإيرادات عبر التاريخ، فإنها ظلت دومًا الأعلى تأثيرًا وانتشارًا.
من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة
منذ 2012، قرر عادل إمام اقتحام مجال الدراما التلفزيونية، ونجح في إعادة صياغة حضوره الفني عبر أعمال رمضانية قوية، أبرزها:
فرقة ناجي عطا الله (2012)
العراف (2013)
صاحب السعادة (2014)
عوالم خفية (2018)
جميع هذه الأعمال دمجت بين الكوميديا السياسية والقضايا المجتمعية، وحققت نسب مشاهدة ضخمة.
إرث فني لا ينتهي
اليوم، وبعد 85 عامًا من الميلاد، و60 عامًا من العطاء، يُعتبر عادل إمام رمزًا فنيًا وثقافيًا في مصر والعالم العربي. لم يكن مجرد نجم شباك، بل صوتًا ناقدًا، وضوءًا كوميديًا، ورسالة فنية ممتدة عبر الأجيال.
ورغم غيابه في السنوات الأخيرة، ما زال حضوره طاغيًا في وجدان جمهوره، وما تزال أعماله تُعرض يوميًا على الشاشات.
عيد ميلاد سعيد للزعيم
85 عامًا من الفن، والضحك، والرسائل، والتاريخ... عادل إمام ليس مجرد فنان، بل حالة إنسانية خالدة ستبقى تضيء ذاكرة الفن المصري والعربي.