تواجه مساعي الجمهوريين في الكونجرس لجعل التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس دونالد ترامب عام 2017 دائمة، تحديات متصاعدة، مع اقتراب الموعد النهائي غير الرسمي لطرح "مشروع القانون الكبير" الذي اقترحه ترامب في مجلس النواب، خلال الأسبوعين المقبلين، وسط خلافات حادة حول كيفية تغطية تكاليف هذه التخفيضات، وسط تأثيرات سلبية متزايدة ناجمة عن حرب ترامب التجارية، وتشديد سياسات الهجرة، ما يضعف توقعات النمو الاقتصادي.
ويكافح الجمهوريون لتحقيق توازن بين رغبتهم في استمرار التخفيضات الضريبية، وضرورة احتواء الدين الوطني المتضخم الذي بلغ 36 تريليون دولار، إلى جانب العجز السنوي البالغ 1.9 تريليون دولار، وفيما يرفض المعتدلون في الحزب خفض الإنفاق على برامج الرعاية الصحية مثل "ميديكيد"، يتمسك المتشددون بعدم دعم تمديد شامل للتخفيضات الضريبية ما لم تتوافر وفورات حقيقية في الإنفاق.
معارك الإنفاق والرسوم الجمركية تهدد خطة ترامب
في رسالة وُجهت أمس الأربعاء إلى قيادة الحزب، شدد 32 نائبًا جمهوريًا من الجناح المتشدد على ضرورة توفير 2 تريليون دولار من المدخرات القابلة للتحقق، سواء من خلال خفض الإنفاق أو تقليص الحزمة الضريبية، فيما يرى قادة جمهوريون أن التخفيضات الضريبية ستعزز النمو الاقتصادي بنسبة 2.6%، ما قد يؤدي إلى توليد إيرادات تصل إلى 2.5 تريليون دولار خلال عشر سنوات، مدعومة بخطط ترامب لتقليص اللوائح التنظيمية، إلا أن خبراء الميزانية يشككون في هذه التوقعات، ويصفونها بأنها مفرطة في التفاؤل، خاصة في ظل آثار الحرب التجارية وتضييق سوق العمل الناجم عن سياسات الهجرة.
وكانت لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، قد أكدت أن تخفيضات عام 2017 أضافت نحو 1.9 تريليون دولار إلى الدين الوطني، على عكس ما زعمه مشرعو الحزب الجمهوري آنذاك من أنها ستمول نفسها من خلال النمو، ويؤكد خبراء اقتصاديون بارزون، منهم جوناثان بيركس، المستشار السابق لرئيس مجلس النواب السابق بول رايان، أن الأوضاع المالية الآن تختلف جذريًا عن عام 2017، مما يطرح تساؤلات جادة حول قدرة الاقتصاد على استيعاب أي زيادات إضافية في الدين.
مقترحات ترامب الضريبية
تُقدر كلفة المقترحات الضريبية التي يتبناها ترامب حاليًا، بما في ذلك إعفاء الإكراميات والعمل الإضافي وفوائد الضمان الاجتماعي من الضرائب، بنحو 6 تريليونات دولار خلال عقد، وفيما يعتبر رئيس مجلس النواب الحالي، مايك جونسون، جعل التخفيضات دائمة "مبدأً حاكمًا"، يؤكد نواب بارزون، مثل فيرن بوكانان، على ضرورة دراسة التكاليف الحقيقية قبل المضي قدمًا، في ظل عجز مالي حاد.
وعلى الرغم من تعهدات بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، مثل زعيم الأغلبية جون ثون، بعدم دعم تمديد مؤقت للتخفيضات، فإن المواقف تتباين داخل الحزب بشأن آلية التطبيق ومداه، إذ يرى البعض، مثل زعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيف سكاليز، أن تمديد التخفيضات لعقد إضافي قد يكون حلاً مؤقتًا.
التخفيضات الضريبية
من جانبهم، يحذر الديمقراطيون من أن التوسع في التخفيضات الضريبية سيؤدي إلى تقويض برامج الرعاية الاجتماعية مثل "ميديكيد" و"طوابع الغذاء"، مع تعميق العجز الفيدرالي، وتؤكد النائبة الديمقراطية مادلين دين أن الرياضيات لا تتوافق، محذرة من تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة إذا ما تم تنفيذ الخطط الضريبية دون مصادر تمويل حقيقية.
ويرى خبراء في السياسة الضريبية مثل إيريكا يورك من مؤسسة الضرائب غير الحزبية، أن الاقتصاد قد ينمو بنسبة 1.1% فقط على المدى الطويل، نتيجة للإجراءات المؤيدة للنمو داخل الحزمة الضريبية المقترحة، مثل خصومات الإنفاق الرأسمالي والبحث والتطوير، إلا أن هذه المكاسب قد تتآكل بسبب الآثار السلبية للرسوم الجمركية وانتقام الشركاء التجاريين.
وتشير التقديرات إلى أن تمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 بشكل دائم قد يولد 700 مليار دولار من الإيرادات الإضافية – وهو رقم بعيد عن التوقعات المتفائلة البالغة 2.5 تريليون دولار التي يروج لها الجمهوريون.
وحذرت جيسيكا ريدل، من معهد مانهاتن والمساعدة الجمهورية السابقة، من الاعتماد على افتراضات نمو غير واقعية، مؤكدة أنه لا يوجد شيء في الميزانية الجمهورية حاليًا يضمن تحقيق النمو بالمستويات المتوقعة.