وجّهت الصين صفعة مدوية لواشنطن وحلفائها، محذرة إياهم بلهجة لا تخطئها الأذن من مغبة الانصياع لإملاءات الولايات المتحدة وعقد صفقات تجارية على حساب بكين.
وأكدت الصين أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، وسترد بحزم وقوة على أي محاولة لتقويض مصالحها.
يأتي هذا التحذير الناري في أعقاب تقارير إعلامية كشفت عن مخطط أمريكي تقوده إدارة الرئيس ترامب للضغط على الدول الساعية للحصول على إعفاءات جمركية، وذلك بهدف إجبارها على تقليص تجارتها مع الصين وفرض عقوبات مالية عليها كأداة ردع.
في أول رد فعل رسمي، أعربت وزارة التجارة الصينية عن استيائها الشديد ورفضها القاطع لأي اتفاقيات تتم على حسابها، مؤكدةً أن الولايات المتحدة تمارس "بلطجة تجارية" وتسيء استخدام الرسوم الجمركية ضد شركائها التجاريين، تحت ستار "المعاملة بالمثل"، وتجبر الدول على الدخول في مفاوضات غير متكافئة بشأن الرسوم المتبادلة.
وشددت الوزارة على أن الصين تمتلك القدرة والإرادة لحماية مصالحها الوطنية، وأنها مصممة على تعزيز التعاون مع جميع الأطراف الشريفة في وجه هذه الممارسات الحمائية.
وتستعد بكين لتصعيد المواجهة الدبلوماسية هذا الأسبوع؛ حيث تعتزم عقد اجتماع غير رسمي في مجلس الأمن الدولي لفضح "تنمر" واشنطن التجاري واتهامها بعرقلة الجهود الدولية لتحقيق السلام والتنمية من خلال استخدام الرسوم الجمركية كسلاح ضغط.
وفي سياق متصل، يرى خبراء أن محاولات الولايات المتحدة لإبعاد الدول عن الصين قد لا تنجح بسهولة، خاصةً وأن العديد من دول جنوب شرق آسيا تعتمد بشكل كبير على الصين في مجالات حيوية مثل الاستثمار والبنية التحتية والتكنولوجيا.
ورغم ذلك، تواصل الولايات المتحدة مساعيها الحثيثة، حيث ذكر ممثل التجارة الأميركي أن واشنطن أجرت محادثات مع نحو 50 دولة بشأن الرسوم الجمركية المرتفعة.
وقد بدأت بعض الدول بالفعل في الاستجابة جزئيًا؛ حيث تدرس اليابان زيادة وارداتها من فول الصويا والأرز الأميركي، بينما تخطط إندونيسيا لزيادة وارداتها من السلع الغذائية الأمريكية وتقليل اعتمادها على مصادر أخرى.
كما تستهدف واشنطن بشكل خاص قطاع التكنولوجيا الصيني المتقدم، وخاصة صناعة الرقائق الإلكترونية، التي تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي.
وفي خطوة أخرى تهدف إلى تقويض النفوذ الصيني، فرضت الولايات المتحدة مؤخرًا رسومًا على السفن المصنعة في الصين، وهو ما أثار انتقادات حادة من مصنعي السفن الصينيين الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها "قصيرة النظر".
وفي ظل هذا التصعيد المتبادل، فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية باهظة على الصين بلغت 145%، متضمنة رسومًا إضافية بسبب اتهامات تتعلق بتصدير مادة الفنتانيل المخدرة.
ولم تتأخّر الصين في الرد؛ حيث فرضت رسومًا انتقامية بنسبة 125% على البضائع الأمريكية، مع التأكيد على أنها لا تنوي تصعيد الرسوم بشكل إضافي في الوقت الحالي.
ولم تكتف بكين بالردود المباشرة، بل لجأت إلى القنوات القانونية؛ حيث تقدمت بشكوى رسمية ضد التعرفات الأمريكية أمام منظمة التجارة العالمية.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن هذه الحرب التجارية المتصاعدة ستكون لها تداعيات وخيمة على الاقتصاد العالمي؛ حيث ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة في كلا السوقين، وستزيد من التحديات التي يواجهها النمو الاقتصادي العالمي المتباطئ بالفعل بسبب التضخم.
وبالنظر إلى أن الصين والولايات المتحدة تعتبران من أكبر الشركاء التجاريين على مستوى العالم، فإن أي تصعيد في العلاقات التجارية بينهما ينذر بعواقب اقتصادية عالمية وخيمة.