هل يُشجع ترامب إعادة تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا؟


الخميس 06 مارس 2025 | 04:50 صباحاً
الغاز الروسي
الغاز الروسي
العقارية

ينتظر ملف الحرب في أوكرانيا متغيرات عديدة، في الوقت الذي تسارع فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إبرام اتفاق سلام من خلال مناقشات ثنائية مع روسيا استبعدت أوروبا وأوكرانيا، الأمر الذي أثار مخاوف العواصم الأوروبية التي تخشى أن يهدد الانفراج الأميركي مع موسكو القارة.

وبينما وعد ترامب بتعميق التعاون الاقتصادي مع روسيا إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام، فقد تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضاً عن الفوائد الاقتصادية التي يقول إن الولايات المتحدة قد تجنيها من التعاون مع الكرملين في حالة التوصل إلى تسوية في أوكرانيا، زاعماً أن "عدة شركات" كانت على اتصال بالفعل بشأن صفقات محتملة. وقال مسؤولون أميركيون إن ثمة صفقات اقتصادية يتيحها ذلك التقارب، مع عودة الشركات الأميركية إلى موسكو.

تقارب بين ترامب وموسكو

وفي خطوة كانت لا تُتصور في السابق، ما يعكس مدى التقارب الذي حققه دونالد ترامب مع موسكو، كشف تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عن أن جاسوساً سابقاً وصديقاً مقرباً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعمل على إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بأوروبا، بدعم من مستثمرين أميركيين.

وفقاً لعدة مصادر مطلعة على المناقشات، فإن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق كانت من بنات أفكار ماتياس وارنيغ، الضابط السابق في جهاز "شتازي" بألمانيا الشرقية، والذي أدار حتى العام 2023 الشركة الأم لخط أنابيب "نورد ستريم 2" التابعة لعملاق الغاز الروسي "غازبروم" الخاضع لسيطرة الكرملين.

خطة وارنيغ تضمنت التواصل مع فريق دونالد ترامب عبر رجال أعمال أميركيين، وفقًا لما نقلته الصحيفة، وذلك في إطار قنوات خلفية تهدف إلى التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا وتعميق العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وروسيا.

مسؤولون في واشنطن قالوا إن بعض الشخصيات البارزة في إدارة ترامب على علم بهذه المبادرة لجذب مستثمرين أميركيين، وينظرون إليها كجزء من جهود إعادة بناء العلاقات مع موسكو.

بينما أبدى عدة أطراف اهتمامهم، فقد وضع تحالف استثماري تقوده الولايات المتحدة ملامح اتفاق ما بعد العقوبات مع "غازبروم"، بحسب شخص مطلع على المحادثات رفض الكشف عن هوية المستثمرين المحتملين.

القادة الأوربيون

ويشير التقرير إلى أن كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي صاروا على دراية بالمناقشات حول "نورد ستريم 2" في الأسابيع الأخيرة، حيث أعرب قادة عدة دول أوروبية عن قلقهم وناقشوا المسألة.

ووفقًا للمصادر، فإن الخطة الأخيرة - من الناحية النظرية - ستمنح الولايات المتحدة نفوذًا غير مسبوق على إمدادات الطاقة إلى أوروبا، خاصة بعد تحركات دول الاتحاد الأوروبي لإنهاء اعتمادها على الغاز الروسي عقب بدء الحرب.

ومع ذلك، تبقى العقبات كبيرة، وفق التقرير، الذي يشير إلى أن الأمر يتطلب أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن روسيا، وأن توافق موسكو على استئناف المبيعات التي أوقفتها خلال الحرب، بالإضافة إلى سماح ألمانيا بمرور الغاز إلى أي مشترين محتملين في أوروبا.

لكن وارنيغ قال لصحيفة فاينانشال تايمز إنه "لم يشارك في أي مناقشات مع أي سياسيين أو ممثلي أعمال أميركيين"، مضيفًا أنه "يتبع في هذا الصدد القواعد باعتباره شخصاً خاضعاً للعقوبات الأميركية".

كما قال المتحدث باسم بوتين، دميتري بيسكوف، إنه ليس لديه معلومات عن أي محادثات بشأن خط الأنابيب. ورفضت شركة غازبروم التعليق.

دراما اقتصادية!

من جانبها، تقول أستاذة الاقتصاد والطاقة، الدكتورة وفاء علي، إن ثمة "دراما اقتصادية جديدة تُحاك حبكتها مع عودة الحديث مجدداً عن خط "نورد ستريم 2"، الخط الذي يمتد بطول 1230 كيلومتراً تحت بحر البلطيق، ليمد أوروبا، وعلى رأسها ألمانيا، بالغاز الروسي.

وتشير إلى أن هناك اعتقاداً بأن التقارب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى جانب مستثمرين شركاء في هذا الخط الاستراتيجي قد يعيد "نورد ستريم 2" إلى الواجهة، لا سيما وأن هذا الخط لم يحصل على ترخيص من هيئة التراخيص الألمانية قبل الحرب، وتعرض لعمل تخريبي في العام 2022، فيما صدرت مذكرة قانونية ألمانية في عام 2024 باتهام أوكراني بعملية التخريب.

تم تفجير أحد خطي أنابيب نورد ستريم 2 في هجمات تخريبية في سبتمبر 2022 مما أدى إلى تدمير خطي أنابيب مشروع نورد ستريم 1 الشقيق الأكبر.

خط أنابيب نورد ستريم 2 الآخر، الذي تبلغ سعته السنوية 27.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، لم يتضرر ولكنه لم يتم استخدامه أبداً.

وتضيف: "هناك نقطة انطلاق جديدة في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، حيث تتداخل المصالح بوصفة سحرية وسرية، قد تدفع نحو إعادة إحياء خط نورد ستريم 2"، لكنها تؤكد أن ذلك مرهون باتفاق بين ترامب وبوتين خلف الأبواب المغلقة.

يشار إلى أن ترامب كان صريحا في انتقاده لخط الأنابيب خلال فترة ولايته الأولى كرئيس. وقد أصبح هذا الخط رمزا لأولئك الذين ألقوا باللوم على ألمانيا ــ وأوروبا بالتبعية ــ لاعتمادها بشكل مفرط على الغاز الروسي والمساعدة في تمويل الآلة العسكرية لموسكو.