كارثة بيئية .. نفوق مئات الحيتان على السواحل الأسترالية رغم جهود الإنقاذ


الخميس 24 سبتمبر 2020 | 02:00 صباحاً
عبدالله محمود

نفق حوالي 380 حوتًا على السواحل الأسترالية، فيما يعتقد أنه أكبر جنوح جماعي للحيتان الطيارة في استراليا.

وعُثر على مئات الحيتان الطيارة على شاطئ جزيرة تاسمانيا غربي أستراليا الاثنين الماضي.

وتمكنت فرق الإنقاذ، من إعادة 50 من هذه الحيوانات المائية العملاقة في ساعات متأخرة من يوم الأربعاء، مع استمرار جهود لإنقاذ حوالي 30 حوتًا لا زالوا على قيد الحياة.

وأكدت السلطات في تاسمانيا على أن جهود الإنقاذ سوف تستمر "طالما بقيت حيتان حية على الشاطئ".

وقال نيك ديكا، المدير الإقليمي لهيئة الحياة البرية والحدائق في الجزيرة الأسترالية: "بينما لا تزال هذه الحيوانات حية وفي المياه، يظل هناك أمل في إنقاذها –  لكن بمرور الوقت ينال منها الإرهاق".

وأضاف نيك ديكا، أن الاهتمام في الوقت الحالي ينصب على إزالة رفات مئات الحيتان التي نفقت والمتناثر على الشاطئ، مؤكدًا أنه يجري العمل على إعداد خطة تنظيف، وجرت العادة في الماضي على دفن الحيتان النافقة أو سحبها إلى المياه المفتوحة بعد كل جنوح جماعي.

ولا يُفهم حتى الآن سبب جنوح الحيتان إلى الشاطئ، لكن من المعروف عن هذه الفصائل من الحيوانات البحرية أنها عرضة للخروج إلى الشاطئ، مما يشكل خطرًا كبيرًا على حياتها.

ويُعد الجنوح الجماعي الذي تشهده أستراليا في الوقت الراهن من بين أكبر الحوادث من هذا النوع على مستوى العالم، كما تجاوز عدد الحيتان التي خرجت إلى الشاطئ في أستراليا هذه المرة الرقم القياسي الأكبر في تاريخ البلاد الذي تضمن 320 حوتًا جنحت إلى السواحل عام 1996.

وخرجت الحيتان من المياه المفتوحة وعلقت على ألسنة من الرمال بالقرب من شاطئ رأس ماكوراي.

وبلغ عدد الحيتان التي اكتشفت فرق الإنقاذ وجودها في هذه المنطقة الاثنين الماضي 270 حوتًا، لكن طائرة هليكوبتر رصدت وجود 200 آخرين الثلاثاء الماضي بالقرب من المجموعة الأولى التي عُثر عليها.

وقال مسئولون إن المجموعة الثانية ربما يكون المد جرفها في اتجاه الساحل، لكنهم يرجحون أنها تتبع نفس القطيع.

وتقع أغلب حوادث الجنوح الجماعي للحيتان في أستراليا على ساحل جزيرة تاسمانيا، ويرى خبراء أن رأس ماكوراي يعتبر من البقع الساخنة لوقوع هذه الظاهرة.

وكان أكبر جنوح جماعي تشهده هذه الجزيرة الأسترالية عام 1935 عندما جنح 294 حوتًا. وكان الجنوح الجماعي الأخير في الجزيرة عام 2009 بعد خروج 200 حوتًا إلى الشاطئ.

استخدم فريق إنقاذ يتكون من 60 شخصا رافعات ومعدات أخرى لمساعدة الحيتان التي لا تزال على قيد الحياة في مغادرة الألسنة الرملية والدفع بها بعيدا حتى تُغمرها المياه، وبمجرد "إعادة تعويم" الحيتان، يتم توجيهها إلى مياه أعمق.

وقال المنقذون إنهم تمكنوا من إعادة 50 حوتًا إلى المياه العميقة، وهو ما وصفوه "بالنجاح".

وواجهت جهود الإنقاذ معوقات تمثلت في قوة المد التي أعادت بعض الحيتان التي تم إنقاذها إلى الشاطئ مرة ثانية.

وقال توم ماونتني، صياد يساعد في عملية الإنقاذ، لبي بي سي: "جغرافيا، هناك تحدي تنطوي عليه هذه المنطقة. فهي منطقة داخلية تستخدم فعليا كمرفأ، لذلك لدينا قوارب وهناك أيضا مئات الأشخاص الذين يثبتون الحيتان على الرافعات".

وأضاف: "الحيتان في حالة من الهدوء الشديد، وكونها حيوانات يزن الواحد منها عدة أطنان، ينطوي التعامل معها على خطر كبير. لكنها تبدو وكأنها تشعر بما نفعل من أجلها".

وقال خبراء في الحياة البحرية، خاصة الحيتان، إن ما تبقى على قيد الحياة من هذه الحيوانات سوف يعاني من الإرهاق والضعف، ويصل طول الحوت الطيار إلى سبعة أمتار وقد يزن ثلاثة أطنان.

وقال الأكاديمي بيتر هاريسون، من مجموعة أبحاث الحيتان بجامعة سوذيرن كروس، إنه دون طفو هذه الحيوانات على سطح المياه قد تلحق بها أضرار بالغة بسبب وزنها الكبير.

ويقول علماء إن السبب وراء خروج الحيتان على الشاطئ غير معروف، لكن لديهم عدد من النظريات التي يحاولون تفسير هذه الظاهرة من خلالها ومن بينها نظرية تتضمن أن الحيتان تتعرض لإغراءات لوجود الأسماك بالقرب من الشواطئ، مما يؤدي إلى فقدانها المسار الصحيح في المياه.

وكونها من الثدييات الاجتماعية، من المعروف عن الحيتان الطيارة أنها تجنح إلى الشاطيء بشكل جماعي لأنها تقوم برحلات هجرة موسمية بأعداد كبيرة وفي مجموعات متماسكة معتمدة على التواصل المستمر فيما بينها.

ويرجح باحثون أنه ربما يكون المسؤول عن جنوح مجموعات كبيرة من الحيتان أحد الحيتان القائدة في القطيع عندما يضل الطريق إلى الساحل.

كما تشير نظرية أخرى إلى أن الحيتان قد تكون عرضة للجنوح الجماعي بالقرب من الشواطئ المنحدرة تدريجيا نحو مساحات واسعة لأن موجات السونار التي تطلقها هذه الحيوانات لتحديد اتجاهها لا تتمكن من الكشف عن خط الشاطئ في المياه الضحلة.

ولا توجد الحيتان الطيارة في قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض رغم أن أعدادها الحالية غير معروفة بشكل دقيق. ويقدر علماء عدد هذه الحيوانات بحوالي مليون حوت طيار طويل الزعنفة و200 ألف حوت طيار قصير الزعنفة على مستوى العالم.