تراجع أسعار الحديد فى مصر بين 2000 و2500 جنيه للطن


الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 | 05:13 مساءً
حديد
حديد
العقارية

شهدت أسعار الحديد فى مصر تراجعا ملحوظا مؤخرا، حيث انخفض سعر الطن ما بين ٢٠٠٠ و٢٥٠٠ جنيه منذ بداية الأسبوع الماضي، ويعتبر الحديد عنصرًا أساسيًا فى القطاع العقارى المصري، الذى يُعد من أهم القطاعات الاقتصادية ويساهم بنحو ٢٠٪ من الناتج المحلى الإجمالي. ويؤثر تذبذب أسعار الحديد على القطاع العقارى وبالتالى على الاقتصاد المحلي، حيث يسهم فى تحسين مستوى المعيشة، توفير فرص العمل، وتشجيع الاستثمار.

وقد أرجع بعض المسؤولين هذا التراجع فى الأسعار إلى استقرار أسعار المواد الخام عالميًا وثبات سعر صرف الدولار أمام الجنيه. بينما يرى آخرون أن عودة النشاط فى القطاع العقارى وزيادة المبيعات هى السبب الأساسى وراء هذا الانخفاض، إذ ساهم ذلك فى دفع المصانع إلى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية بعد أن كانت تعمل بنسبة ٣٠-٤٠٪ فقط.

من جانبه، أوضح طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الجيوشى للصلب، أن السوق المحلية تشهد استقرارًا فى أسعار حديد التسليح نتيجة استقرار أسعار الدولار ومواد الخام مثل «البيلت» فى الأسواق العالمية. وأشار إلى أن الربحية للمصانع تتأثر بتكاليف الإنتاج، وليس فقط بارتفاع أو انخفاض الأسعار.

وأكد الجيوشى أن توفير العملات الأجنبية فى البنوك المحلية هو عامل حاسم فى تشجيع الاستثمار فى القطاع الصناعي. وأشاد بنجاح الدولة فى الإفراج عن المواد الخام التى كانت مكدسة فى الموانئ، وهو ما سيسهم فى تلبية الطلب المتزايد مع عودة النشاط العمراني. وبدوره، أشار أحمد الزيني، رئيس غرفة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن انخفاض أسعار الحديد سيساهم فى تنشيط الأسواق ويعيد تشغيل المصانع بكامل طاقتها. وتوقع أن يؤدى هذا الانتعاش إلى زيادة فرص العمل فى المحافظات وتحفيز المهن المرتبطة بقطاع التشييد. كما أوضح محمد سيد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، أن استقرار أسعار خامات الإنتاج عالميًا، إلى جانب ثبات سعر الدولار أمام الجنيه، قد ساهم فى خفض أسعار الحديد. وأكد أن هذا الانخفاض سيحفز السوق المصرية ويعزز من دوران عجلة الإنتاج مرة أخرى.

وفيما يتعلق بالأسمنت، أشار الزينى إلى أن سعر الطن النهائى للمستهلك يتراوح بين ٢٨٠٠ و٣٠٠٠ جنيه، بينما يتراوح سعر تسليم المصنع بين ٢٣٠٠ و٢٥٠٠ جنيه، مما يعكس تباينًا فى الأسعار حسب موقع التوريد.

فى ظل التحولات الاقتصادية الأخيرة التى شهدتها مصر، برزت تغييرات إيجابية فى عمليات الاستيراد والإفراج الجمركي، بعد فترة من التحديات الناجمة عن نقص السيولة الدولارية، جاءت هذه التحسينات نتيجة لسياسات مالية جديدة وضعتها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي، والتى تضمنت تحرير سعر الصرف وتسهيل تداول العملات الأجنبية فى الأسواق المحلية، مما أسهم فى تحريك عجلة الاستيراد بشكل أفضل.

وفى إطار جهود تنظيم عمليات الاستيراد، أصدر البنك المركزى المصرى قراراً بمنع تدبير العملة الأجنبية لـ ١٣ سلعة تُعتبر غير أساسية، وقد أبلغ البنك المركزى البنوك بضرورة الحصول على موافقة مسبقة منه قبل استيراد هذه السلع، التى لا تتم الموافقة على معظمها بسبب ندرة العملة الأجنبية المتاحة، تشمل هذه السلع السيارات كاملة الصنع، الموبايلات وكمالياتها، الفواكه الطازجة، المجوهرات، الأجهزة الكهربائية، الملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، والمعدات الثقيلة، ويذكر أن هذه القائمة تم الإعلان عنها فى مارس ٢٠٢٢ تزامناً مع قرار العمل بالاعتمادات المستندية فقط لعمليات الاستيراد.

وفى ضوء هذا القرار، طلب البنك المركزى من البنوك حصر الطلبات المعلقة لهذه السلع منذ عام ٢٠٢٢ وحتى نهاية عام ٢٠٢٣، والسماح بتدبير العملة الأجنبية للطلبات التى تم حصرها. وأكد المركزى أنه لا توجد موافقات جديدة لفتح اعتمادات مستندية لاستيراد السلع المحظورة خلال العام الجاري، وأن ما تم السماح به هو فقط الطلبات المتعلقة بالعامين ٢٠٢٢ و٢٠٢٣.

بعد تحرير سعر الصرف فى مارس ٢٠٢٤، وجه البنك المركزى البنوك إلى تسريع عملية تدبير العملة لاستيراد ١٧ سلعة كانت عالقة فى الموانئ المصرية. تضمنت هذه السلع الأدوية، المستلزمات الطبية، الأمصال، الأعلاف، والسلع الغذائية الأساسية مثل اللحوم، الدواجن، الأسماك، الألبان، الشاي، الفول، القمح، العدس، والذرة، بالإضافة إلى تقاوى البذور والأسمدة.

وفى سياق الحديث عن تطورات الاستيراد، صرح عماد قناوي، عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة، بأن الأوضاع السياسية والاقتصادية المضطربة فى المنطقة دفعت البنك المركزى لاتخاذ إجراءات احترازية للحفاظ على العملة الأجنبية. وأضاف أن معظم السلع التى تم تقييد استيرادها لها بدائل محلية باستثناء السيارات والمعدات الثقيلة، مما أدى إلى تأثر سوق السيارات بشكل خاص بسبب نقص المعروض وارتفاع الأسعار.

وأشار «قناوي» إلى أن الحكومة تعمل جاهدة على حل أزمة تكدس السيارات فى الموانئ المصرية، وأنه من المتوقع الانتهاء من وضع قواعد جديدة لاستيراد السيارات قريبًا. وأوضح أن استيراد السيارات لا يمكن حظره بالكامل لأنها لا تُصنع محليا بشكل كامل، مما يتطلب استمرار استيرادها لتلبية الطلب المتزايد.

فيما يخص عمليات الإفراج الجمركي، أكد «قناوي» أن الوضع الحالى مستقر، ولا توجد مشاكل فى توفير السيولة الدولارية أو الإفراج عن البضائع، موضحا أن السلع التى كانت متراكمة فى الموانئ تم الإفراج عنها بالفعل، وأن الدورة الاستيرادية تعمل بشكل طبيعي.

وفيما يتعلق بالأولويات، أوضح «قناوي» أن الأولوية فى الإفراج الجمركى تُمنح للمواد الغذائية الأساسية، الأدوية، ومستوردات الإنتاج، مشيرًا إلى أن البنوك تدبر العملة الأجنبية لجميع المستوردين بشكل منتظم، باستثناء السلع الـ١٣ التى تم الإعلان عنها.

من جهته، أشار متى بشاي، عضو شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن حالة الاستقرار فى عمليات الإفراج الجمركى تعود إلى تحرير سعر الصرف الذى تم فى الربع الثانى من العام الجاري، مؤكدا أن هذا الإجراء ساعد فى تجاوز التحديات التى كانت تواجه عمليات الاستيراد فى الفترة الماضية، خاصة بسبب نقص السيولة الدولارية.

كما نفى بشاى وجود أى أزمة فى عمليات الإفراج الجمركى لقطع الغيار، وأكد أن مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار تُعتبر سلعاً أساسية يتم تدبير الدولار لها من البنوك فى غضون ٤ إلى ٥ أيام. وأضاف أن البضائع التى تم الاتفاق على استيرادها إما متواجدة فى الموانئ أو فى طريقها للوصول.

وأشار «بشاي» إلى أن الصين تعد الدولة الأكثر طلباً من قبل المستوردين المصريين، نظراً لانخفاض أسعار منتجاتها مقارنة بالدول الأخرى، فيما تأتى دول شرق آسيا فى المرتبة الثانية. وأوضح أن حوالى ٦٠٪ من الواردات المصرية تأتى من الصين وشرق آسيا، بينما تُستورد النسبة المتبقية من أوروبا وأمريكا اللاتينية.

فى الختام، يمكن القول إن السياسات الأخيرة التى اتخذتها الحكومة المصرية والبنك المركزى ساهمت بشكل كبير فى تحسين عمليات الاستيراد والإفراج الجمركي، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى كانت تواجهها البلاد. ومع استقرار السوق وتيسير عمليات الاستيراد، من المتوقع أن يشهد الاقتصاد المصرى مزيداً من التحسن فى الفترة القادمة.