قالت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، الدكتورة رانيا المشاط، إن الناتج الـمحلي الإجمالي للاقتصاد المصري سجّل مُعدّل نمو 2.4% خلال الربع الأخير من العام الـمالي الماضي 2023 -2024، ليصل معدل النمو السنوي إلى 2.4% مُقارنة بمُعدّل نمو 3.8% في العام الـمالي الأسبق 2022- 2023 تأثّرًا بالصدمات الخارجيّة الـمُتتالية والتوتّرات الچيوسياسيّة، بالإضافة إلى السياسات الانكماشية التي انتهجتها الحكومة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها حوكمة الاستثمارات العامة.
نمو بعض القطاعات الاقتصاديّة في مصر
وأشارت إلى تصاعُد مُعدّلات نمو بعض القطاعات الاقتصاديّة، ضمّت الاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات والسياحة (ممثلة في المطاعم والفنادق) والنقل والتخزين وتجارة الجُملة والتجزئة، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعيّة من تعليم وصحّة.
وذكرت أنه من المتوقع تحسن النشاط الاقتصادي في الفترة المقبلة مع مُواصلة الالتزام الحكومي باتخاذ تدابير وسياسات فاعلة داعمة للاستقرار الكُلّي، ومُحفّزة لنشاط القطاع الخاص، ومُعزّزة لحوكمة الاستثمارات العامة، ولكفاءة وفاعليّة تخصيص الـموارد بين القطاعات الاقتصاديّة، تطبيقًا لِفكر الأولويّات ولـمعايير العائد والتكلفة. فضلاً عن آثار تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي التي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة: تعزيز صمود الاقتصاد الكلي، وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم الانتقال الأخضر.
وعزز هذا التوقع المؤشرات الدورية التي تشير إلى بوادر إيجابية، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 50.4 نقطة في أغسطس 2024، مُحققًا زيادة متجاوزًا مستوى الحياد لأول مرة منذ نوفمبر 2020، مدفوعًا في المقام الأول بالتوسع في أنشطة التصنيع.
وقد جاء تباطؤ النمو على خلفيّة تبِعات الأزمات الاقتصاديّة العالميّة، والتوتّرات الچيوسياسيّة بمنطقة الشرق الأوسط، والتي انعكست تأثيراتها على الأداء الاقتصادي في مصر ، وتجلّى ذلك بصفة خاصة على أداء قناة السويس، حيث سجّل النشاط تراجُعًا حادًا بلغ 68% خلال الربع الأخير من العام المالي بسبب الـمخاطر الناجِمة عن تهديدات الحركة الـملاحيّة الدوليّة بمنطقة البحر الأحمر واتجاه شركات الناقلات لتحويل مساراتها الـملاحيّة تجاه طُرُق أخرى بديلة، الأمر الذي أثر سلبًا على المعدل السنوي، الذي بلغ انخفاضه 30%.
وشهِد قطاع الصناعة التحويليّة غير البتروليّة الذي تبلُغ مُساهمته نحو 11.4% من الناتج الـمحلي الإجمالي، تراجُعًا بنحو 5.2% على مدار العام، وذلك تأثّرًا بالأوضاع الاقتصاديّة الكليّة، والمُتمثّلة في نقص المواد الخام الأوليّة اللازمة للصناعات، الأمر الذي تم تداركه مع سياسات الإصلاح الاقتصادي المنفذة في مارس 2024، حيث إن القطاع سجل نموًا إيجابيًا بنسبة 4.7% في الربع الأخير من العام، وذلك لأول مرة منذ الربع الأول من العام المالي 2022-2023، وجاء هذا التحسن نتيجة نمو مجموعة من الصناعات، مثل صناعة الملابس الجاهزة (54.2%)، والمنسوجات (23.8%)، والحاسبات والمنتجات الإلكترونية (14.9%).
وانكمش نشاط الاستخراجات بنسبة 4.7%، والذي يُساهِم بنسبة 6.7% في الناتج الـمحلي الإجمالي، خاصة مجال الزيت الخام والغاز الطبيعي، حيث تراجعا بنسبة 1.8% و13.1% على التوالي، تأثّرًا بتراخي الإنتاج من الآبار البتروليّة والغاز الطبيعي نتيجة لانخفاض الاستثمارات الأجنبيّة الـمُوجّهة إلى الاكتشافات الجديدة للآبار، وتباطؤ عمليّات تطوير وتنمية الآبار القائمة.
كما شهِد نشاط تكرير البترول تراجُعًا بنسبة 6.1% تأثّرًا بانخفاض الكميّة الـمُنتَجة من تلك الآبار، ومن ثم مُدخلاتها في تصنيع الـمُنتجات البتروليّة، وهو ما انعكس سلبًا على صافي ميزان الصادرات البتروليّة خلال ذات العام الـمالي، الأمر الذي أصبح يشهد تحسناً في الشهور التالية لانتهاء العام المالي مع سداد مستحقات الشركاء الأجانب،وقد حفّزت هذه التطوّرات على توجّه الدولة نحو تكثيف الاستثمارات في مجال تنمية وتطوير الطاقات الـمُتجدّدة كجزء من استراتيجيّة جمهورية مصر العربية للانتقال نحو قطاع طاقة أكثر استدامة ومرونة، وبالإضافة إلى تحفيز مزيدٍ من الاستثمارات الخاصة.
وأظهرت بعض الأنشطة الاقتصاديّة مرونة قويّة، وسجّلت مُعدّلات نمو مُوجبة خلال العام، حيث سجّل نشاط الاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات نموًا بنسبة 14.4%، والسياحة (الممثلة في المطاعم والفنادق) بنسبة 9.9%، وتجارة الجُملة والتجزئة بنسبة 6.1%، والتشييد والبناء نموًا بنسبة 5.7%، والخدمات الاجتماعيّة والتي تشمل الصحّة والتعليم لتُسجّل نسبة 5.6%، والنقل والتخزين بنسبة 5.4%، والزراعة نسبة 3.8%.
وعلى صعيد آخر، تشير المؤشرات الدورية إلى بوادر تحسن في النشاط الاقتصادي، حيث ارتفع مؤشر مديري المشتريات إلى 50.4 نقطة في أغسطس 2024، مُحققًا زيادة متجاوزًا مستوى الحياد لأول مرة منذ نوفمبر 2020، مدفوعًا في المقام الأول بالتوسع في أنشطة التصنيع. كما شهد مؤشر بارومتر الأعمال الصادر من المركز المصري للدراسات الاقتصادية انتعاشًا طفيفًا، وهو ما يعكس اتجاهًا إيجابيًا في الأداء التجاري الإجمالي. وتشير هذه التطورات إلى استقرار تدريجي للاقتصاد حيث تظهر بعض القطاعات الرئيسية علامات على تحسن النشاط الاقتصادي، لا سيما إفساح المجال للقطاع الخاص.