توقع محللون تأثيرات إيجابية على السوق المصرية بعد خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، وأبرزها انخفاض تكلفة الدين الخارجي سواء للحكومة أو للشركات في الأشهر المقبلة.
الاحتياطي الفيدرالي الأميركي
وخفّض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يوم الأربعاء الماضي معدل الفائدة للمرة الأولى منذ 2020، بواقع 50 نقطة أساس وباتت تراوح بين 4.75 و5%، ويتجه إلى خفض إضافي مماثل بحلول نهاية 2024.
وأشارت مصادر لـ"العربية Business "، إلى أن خفض الفائدة الأميركية وتوقعات إجراء تخفيضات أخرى قريبا، يخفض تكلفة الديون الخارجية الجديدة لمصر، خاصة وأنها تعتمد على استدامة الدين في تلبية أغلب احتياجاتها التمويلية.
وأضافت المصادر أن هناك جزءا كبيرا من الديون الخارجية القائمة مطبق عليها الفائدة المتغيرة، وهو ما يخفض تكلفتها خلال الأقساط المقبلة.
خدمة الدين الخارجي
وسددت مصر أعباء خدمة الدين الخارجي من الفوائد والأقساط بقيمة 8.255 مليار دولار خلال الفترة من يناير وحتى مارس 2024، وفقا لأحدث بيانات عن البنك المركزي المصري.
وانقسمت أعباء خدمة الدين إلى 2.542 مليار دولار كفوائد مدفوعة، و5.712 مليار دولار كأقساط مسددة، بحسب البيانات الرسمية.
نمو التدفقات يُقلص معدلات الاستدانة
وقالت نائبة رئيس بنك مصر سابقا سهر الدماطي، إن خفض الفائدة الأميركية، يدفع بعض المستثمرين والصناديق لتوجيه استثماراتهم للأسواق الناشئة الأكثر جاذبية من حيث سعر الفائدة.
أكثر الأسواق الناشئة جاذبية للمستثمرين الأجانب
وأوضحت لـ"العربية Business " أن مصر تعد حاليا إحدى أكثر الأسواق الناشئة جاذبية للمستثمرين الأجانب بسبب ارتفاع معدلات الفائدة بها لمستويات تاريخية، وهو ما سيرفع التدفقات الأجنبية وبالتالي خفض الحاجة للحصول على تمويلات خارجية أكبر الشهور المقبلة.
"تراجع الفائدة الأميركية يخفض الطلب على الدولار، وهو ما قد يخفف الضغوط على الجنيه المصري، ويقلص تكاليف الاستيراد بالنسبة لمصر، وخاصة بالنسبة للسلع التي يتم تسعيرها بالدولار" بحسب الدماطي.
ومن جانبها قالت رئيسة مجلس إدارة "شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية"، رانيا يعقوب، أن الديون الخارجية تتجدد باستمرار، وتراجع الفائدة الأميركية بالتأكيد سينعكس على تكلفة الديون الخارجية، خاصة وأن أغلبها بالدولار الأميركي، مشيرة إلى أن هناك تأثيرا آخر لخفض الفائدة الأميركية يتمثل في نمو معدلات دخول الأموال الساخنة الفترة المقبلة، وبالتالي تراجع الضغوط على العملة الأجنبية محليا، وتراجع طلبات الاقتراض الخارجي، وذلك بالتزامن مع حصول مصر على عدة تمويلات تنموية وصرف شرائح متوالية من قرض صندوق النقد الدولي.
وتوقعت يعقوب استقرار في سعر صرف العملة المحلية الفترة المقبلة يميل نحو الارتفاع، مستفيدا من تغير بعض الوجهات الاستثمارية نحو مصر ومثيلاتها من الأسواق الناشئة.
وتراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 160.6 مليار دولار بنهاية مارس 2024، مقابل 168.03 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023.
وبلغت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 39.8% بنهاية مارس 2024، مقابل 43% بنهاية ديسمبر 2023، بحسب تقرير للبنك المركزي.
تراجع تكلفة الديون
ويري رئيس القطاع المالي بأحد البنوك أن تراجع الفوائد الأميركية ينعكس إيجابيا على تكلفة خدمة الديون الخارجية سواء للمؤسسات المالية أو الشركات الكبري، وكذلك الديون الحكومية.
وأشار إلى أن القرار يُسهل على مصر تقليل الأعباء المالية المتعلقة بسداد الديون المقومة بالدولار، و يخفف من عبء الفائدة على الديون الخارجية، وبالتالي يحد من الضغط على موازنة الدولة.
"ولكن سيظل أثر خفض الفائدة محدود، إذا استمرت معدلات التضخم المرتفعة في التأثير على الاقتصاد المصري" وفقا للمسؤول.
وأشارت الدماطي إلى تباين في تأثير تراجع الفائدة الأميركية على محفظة الديون الخارجية لمصر، حيث أن الديون المطبق عليها الفائدة المتغيرة ستستجيب تلقائيا للتراجع، في حين لا تتأثر تكلفة الديون ذات الفائدة الثابتة بهذا التراجع.
وأكدت الدماطي على أن تأثير الانخفاض على الديون سيكون أكبر بعد إجراء الفيدرالي الأميركي مزيد من التخفيضات الفترة المقبلة.
خدمة أرخص لديون الأسواق الناشئة
واتفقت معها يعقوب التي أكدت على أن أغلب الديون الخارجية المستحقة على مصر بالدولار وبالتالي أي تغير في أسعار الفائدة سيؤثر على التكلفة وقيمة الدين مقابل الجنيه.
وأشارت إلى أن خفض أميركا للفائدة بشكل عام يجعل خدمة ديونها أرخص بالنسبة للأسواق الناشئة وربما يجذب ذلك المزيد من تدفقات رأس المال مع سعي المستثمرين إلى عائدات أعلى خارج الولايات المتحدة.
وتتعهد مصر بسداد آخر دفعة من الديون الخارجية المتوسطة وطويلة الأجل في النصف الثاني من عام 2071، حال عدم الحصول على قروض جديدة خلال السنوات القليلة المقبلة وفق تقرير "الموقف الخارجي للاقتصاد المصري" الصادر عن البنك المركزي.
كما تواجه مصر استحقاقات خارجية ضخمة خلال السنوات الثلاث المقبلة، حيث يتوقع البنك المركزي سداد أكثر من 60 مليار دولار خلال الفترة من 2025 إلى 2027.