عقدت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني اجتماعها السادس لهذا العام، حيث قررت تخفيض أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية بمقدار 50 نقطة أساس اعتباراً من يوم الأحد الموافق 22 أيلول 2024.
ويأتي هذا القرار بعد انتهاء دورة التشدد النقدي التي طبقها البنك المركزي مُنذ نهاية شهر آذار 2022، كغيره من البنوك المركزية في المنطقة والعالم، بهدف الحفاظ على الاستقرار النقدي، وبشكل خاص جاذبية الدينار الأردني مُقابل العملات الأخرى، واحتواء الضغوط التضخمية التي رافقت مرحلة التعافي من تداعيات جائحة كورونا.
وأكدت اللجنة أن قرار تخفيض أسعار الفائدة جاء في ضوء تحقيق السياسة النقدية لأهدافها المرسومة، كما تعكسه المؤشرات النقدية، التي من أبرزها الحفاظ على قوة الدينار مُعززاً بارتفاع الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي من 18 مليار دولار في شهر آذار 2022 إلى مستوى غير مسبوق بلغ 20 مليار دولار في نهاية شهر آب 2024، وهو ما يكفي لتغطية مستوردات المملكة من السلع والخدمات لمدة 8.7 شهراً، وانخفاض معدل الدولرة من 19.4% في شهر آذار 2022 إلى 18.5% في نهاية شهر تموز 2024، فضلاً عن انخفاض معدل التضخم من ذروته خلال الموجة التضخمية التي بلغت 5.4%، على أساس سنوي، في شهر أيلول 2022 إلى 1.9% في شهر آب 2024.
وعلى الرغم من رفع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين، انخفض هامش سعر الفائدة لدى البنوك (مقاساً بالفرق بين سعر الفائدة على القروض والسلف، وسعر الفائدة على الودائع لأجل) بنحو 114 نقطة أساس حتى نهاية شهر تموز 2024، ليصل إلى 2.24%، وهو الأقل منذ نحو ثلاثة عقود، ويُعبر عن الكفاءة التشغيلية لدى البنوك.
واستعرضت اللجنة خلال الاجتماع العديد من المؤشرات التي تؤكد متانة الأوضاع المصرفية والاقتصادية، إذ ارتفعت الودائع لدى البنوك في نهاية شهر تموز 2024 بنحو 2.9 مليار دينار، وبنمو نسبته 6.8% على أساس سنوي، لتبلغ 45.7 مليار دينار، كما ارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك بنحو 1.2 مليار دينار، وبنمو نسبته 3.5% على أساس سنوي، ليصل رصيدها إلى 34.6 مليار دينار.
وتؤكد أحدث مؤشرات المتانة المالية، كما هي خلال النصف الأول من العام الحالي، سلامة ومتانة القطاع المصرفي الأردني لتمتعه بمستوى مرتفع من رأس المال بلغ 17.6% وهو ضمن النسب المرتفعة في المنطقة، والمحافظة على مستويات مريحة من السيولة القانونية بلغت 138.8% متجاوزة النسبة القانونية المفروضة من قبل البنك المركزي والبالغة 100%. فيما بلغت نسبة الديون غير العاملة 5.6% في نهاية النصف الأول من عام 2024.
من جانب آخر، أظهرت المؤشرات الاقتصادية المُختلفة مرونة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الصدمات والظروف التي تمر بها المنطقة، مدعوماً بجهود الإصلاح المالي والاقتصادي ومرونة السياسات الاقتصادية المُطبقة، مما عزز ثقة المُستثمرين والمؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني بالاقتصاد الوطني.
إذ ارتفعت حوالات العاملين خلال الشهور السبعة الأولى من عام 2024 بنسبة 3.6% لتصل إلى 2.05 مليار دولار، وحقق الدخل السياحي نحو 5 مليارات دولار خلال الشهور الثمانية الأولى من عام 2024 بانخفاض محدود قدره 3.7% عن الفترة ذاتها من العام الماضي، رغم حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وارتفعت كميات الصادرات الوطنية بنسبة 5.4% خلال النصف الأول من عام 2024، إلا أن انخفاض أسعار العديد من السلع عالمياً أدى إلى تراجع قيمة الصادرات الكلية بنسبة 1% لتصل إلى 6.3 مليار دولار.
وعلى الرغم من ذلك، سجل عجز الميزان التجاري انخفاضاً بنسبة 2.3% نتيجة انخفاض قيمة المُستوردات بشكل أكبر من انخفاض قيمة الصادرات الكلية. هذا وسجل الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 2.0% خلال الربع الأول من العام الحالي ويقدر أن يتراوح معدل النمو حول 2.4% للعام بأكمله.
ويؤكد البنك المركزي التزامه المُستمر بمتابعة التطورات الاقتصادية والمالية محلياً وإقليمياً وعالمياً، واتخاذ الإجراءات المناسبة التي تضمن الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في المملكة، وإيجاد بيئة اقتصادية ومصرفية تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي.