في عام 2022، مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد لتتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل.
استجابت الولايات المتحدة لهذا الارتفاع باستخدام جرئ لاحتياطياتها النفطية الاستراتيجية ففي مارس 2022، أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإفراج عن ما يصل إلى 180 مليون برميل من النفط على مدار ستة أشهر، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة كأحد أكبر الرابحين من الأزمة
بعد مرور أكثر من عامين على هذا القرار، تبيّن أن الولايات المتحدة كانت أحد أكبر المستفيدين من الأزمة، حيث حققت عدة أهداف من خلال هذه الخطوة
وساعد استقرار الاقتصاد الإفراج عن الاحتياطي الاستراتيجي في تهدئة ارتفاع أسعار الطاقة، مما ساهم في الحفاظ على النمو الاقتصادي ومنع التضخم، وهو ما انعكس إيجابًا على شعبية الرئيس بايدن بين الأمريكيين بفضل انخفاض أسعار البنزين.
وفقًا لتحليل من وزارة الخزانة الأمريكية، أسهمت هذه الإفراجات في خفض أسعار البنزين بما يصل إلى 40 سنتًا للغالون.
وعززت الولايات المتحدة مكانتها كدولة قادرة على حماية أمنها القومي باستخدام احتياطيات النفط الاستراتيجية خلال فترات الأزمات.
كما حافظت على مستوى الأسعار بطريقة تدعم المنتجين الأمريكيين للنفط للاستمرار في العمل والإنتاج عند أسعار تناسب تكاليفهم. أدى ذلك إلى ارتفاع الإنتاج الأمريكي ليصل إلى حوالي 13.3 مليون برميل يوميًا.
إعادة ملء الاحتياطي
بينما أفرجت عن النفط من الاحتياطي، بدأت الولايات المتحدة أيضًا في إعادة ملء ما باعته من الاحتياطي تدريجيًا، محققة ربحًا قدره حوالي 18 دولارًا لكل برميل، مما يجعل هذه الخطوة مربحة لدافعي الضرائب الأمريكيين.
ما هو الاحتياطي الاستراتيجي للنفط في أمريكا؟
وتم تأسيس الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة (SPR) في عام 1975 بموجب قانون سياسة الطاقة والحفاظ عليها، وذلك بعد أزمة النفط التي فرضتها منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في عام 1973 ردًا على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل خلال حرب 6 أكتوبر 1973. يهدف الاحتياطي إلى حماية الاقتصاد الأمريكي من أي صدمات مستقبلية في العرض.
خصائص الاحتياطي الاستراتيجي
ويعتبر الاحتياطي الاستراتيجي للبترول أكبر مخزون للطوارئ من النفط الخام في العالم. يُخزن هذا النفط في كهوف ملحية تحت الأرض في ولايتي تكساس ولويزيانا.
ويُستخدم الاحتياطي لمواجهة الاضطرابات قصيرة الأجل في إمدادات النفط، ويستغرق حوالي أسبوعين فقط لإيصال النفط إلى الأسواق. يمكن سحب ما يصل إلى 4.4 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل حوالي ربع الاستهلاك اليومي للولايات المتحدة.
الوضع الحالي للاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي
حاليًا، يحتوي الاحتياطي على حوالي 377 مليون برميل من النفط، وهو أقل بكثير من الـ600 مليون برميل التي كانت متوفرة في عام 2021، وأقل من السعة القصوى التي بلغت 727 مليون برميل في عام 2009. إذا لم يتم إنتاج أي نفط إضافي، يمكن أن ينفد الاحتياطي الحالي في غضون 18 يومًا فقط.
إدارة الاحتياطي وتحقيق الأرباح
أعلنت وزارة الطاقة الأمريكية أنها تعيد شراء النفط لملء الاحتياطي، حيث تم شراء حوالي 47 مليون برميل حتى الآن بمتوسط سعر 76.89 دولارًا للبرميل، وهو أقل بنحو 18 دولارًا من متوسط سعر 95 دولارًا للبرميل الذي بيع به النفط في عام 2022.
تكاليف الصيانة والإنتاج
رغم الربح المحقق من بيع وشراء النفط، فإن الاحتفاظ بالاحتياطي يتطلب تكاليف للصيانة والحفاظ على مواقع التخزين. ومع ذلك، تعد الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم، بإنتاج يبلغ حوالي 13.25 مليون برميل يوميًا.
كما تحتفظ الولايات المتحدة بأكثر من 48 مليار برميل من النفط في الاحتياطيات المؤكدة، وهو ما يمثل 66 ضعف سعة الاحتياطي الاستراتيجي، مما يضمن وفرة طويلة الأجل من النفط، رغم أن استخراجه يتطلب وقتًا أطول مقارنة بالإفراج عن النفط من الاحتياطي الاستراتيجي.