لا تزال الحضارة المصرية القديمة تقدم جديدا يبهر العالم يوما بعد يوم، حيث أعلنت وزارة السياحة والآثار اليوم الجمعة، عن الكشف عن أول وأكبر مرصد فلكي من القرن السادس قبل الميلاد بمحافظة كفر الشيخ.
ونجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار والعاملة بمعبد بوتو بتل الفراعين بمحافظة كفر الشيخ، في الكشف عن المرصد الفلكي القديم من القرن السادس قبل الميلاد.
وقالت الوزارة، إن المرصد مبني من الطوب اللبن، وكان يستخدم لرصد وتسجيل الأرصاد الفلكية وحركة الشمس والنجوم بالمعبد الموجود بالمدينة.
براعة المصري القديم في علوم الفلك
ومن جانبه ثمن المدير العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل، جهود ونجاح البعثة الأثرية المصرية في إزاحة الستار عن هذا الكشف الأثري الهام، وقال إن الكشف يؤكد على براعة ومهارة المصري القديم في علوم الفلك منذ أقدم العصور، وكيفية تحديد التقويم الشمسي ومواعيد الشعائر الدينية والرسمية، مثل تتويج الملوك والسنة الزراعية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على التقنيات الفلكية التي استخدمها المصري القديم رغم بساطة الأدوات المستخدمة، إلى جانب تعزيز الفهم للتطور العلمي والفلكي في العصور القديمة.
آثار المرصد الفلكي
ساعة شمسية حجرية
وخلال أعمال الحفر داخل المرصد عثرت البعثة على ساعة شمسية حجرية منحدرة، المعروفة بساعة الظل المنحدرة، والتي تُعتبر من أبرز أدوات قياس الوقت في العصور القديمة.
ويتكون المبنى الخاص بالساعة من مدماك مستقيم منتظم من بلاطات الحجر الجيري بطول 4.80 متر، يعلوه خمسة كتل مستوية من الحجر الجيري، منها ثلاث كتل رأسية واثنتان أفقيتان، ويُعتقد أنها كانت تحتوي على خطوط مائلة تستخدم لقياس ميول الشمس والظل ورصد حركة الشمس خلال ساعات النهار.
آثار المرصد الفلكي
أكبر مرصد فلكي يتم اكتشافه
ومن جانبه وصف الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، مبنى المرصد الفلكي المكتشف بأنه أكبر مرصد فلكي يتم اكتشافه من القرن السادس قبل الميلاد، حيث يبلغ إجمالي مساحته 850م تقريباً، وقد تم الكشف عنه في الركن الجنوبي الغربي لمنطقة المعابد، ويتكون تصميمه المعماري من مدخل ناحية الشرق حيث شروق الشمس، وصالة أعمدة وسطى مفتوحة على شكل حرف (L) ويتقدمها جدار ضخم ومرتفع من الطوب اللبن به ميول إلى الداخل فيما يشبه طراز الصرح المصري المعروف في مداخل المعابد.
كما عثر على كتلة حجرية مثبتة في أرضية صالة دائرية الشكل وإلى شمالها وغربها كتلتان حجريتان دائريتان لأخذ القياسات الخاصة بميول الشمس.
آثار المرصد الفلكي
العثور على 5 غرف
وأضاف رئيس قطاع الآثار المصرية أن البعثة عثرت أيضا على خمس غرف من الطوب اللبن، والتي يرجح أنها استخدمت لحفظ بعض الأدوات الخاصة بالمبنى، بالإضافة إلى أربع غرف صغيرة من الطوب اللبن وغرفة حجرية صغيرة تمثل برج المرصد، وكذلك صالة كبيرة نسبياً جدرانها الثلاثة مغطاة بالملاط الأصفر المزين ببعض المناظر وبقايا رسم باللون الأزرق لمركب طقسي عليها ثمانية مقاصير، ومن الخلف بقايا مجدافين، ومن الأمام بقايا رسم لرأس الصقر حورس وعين أوجات التي تجسد أنظمة الكون وهي مرتبطة بالشمس والقمر والمعبود حورس والمعبودة واجيت أهم معبودات بوتو.
وأوضح الأستاذ قطب فوزى قطب رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري وسيناء، أنه في منتصف أرضية هذة الصالة تم الكشف عن منصة حجرية سجل عليها نقوش تمثل مناظر فلكية في الغالب لشروق الشمس وغروبها خلال فصول السنة.
كما سجل النقش بعض المقاسات من خلال بوابتي المعبد الشرقية والغربية وكذلك علامات (شن، سنت ، وبنو) وغيرها من العلامات الدالة على الزمن والفلك.
آثار المرصد الفلكي
تمثال من الأسرة السادسة والعشرين
وأفاد الدكتور حسام غنيم مدير عام منطقة آثار كفر الشيخ ورئيس البعثة، أنه تم العثور أيضا بداخل مبنى المرصد على تمثال من الجرانيت الرمادي من عصر "واح إيب رع" من الأسرة السادسة والعشرين، وهو للكاهن بسماتيك سمن ويحمل تمثال المعبود "أوزير" ومدون عليه لقب حامل الختم الملكي.
كما عثر أيضا على أداة "المرخت" التي تستخدم في أعمال القياس، وكذلك القدم والإصبع وغيرها من أدوات القياس، بالإضافة إلى تمثال أوزير والنمس من البرونز، وتمثال تراكوتا للمعبود بس، وقلادة المنيت من الفاينس وبعض بقايا لوحات حجرية عليها بعض النقوش وموائد قرابين وبعض الأغطية لأمفورات من الملاط عليها بقايا أختام ترجع للعصر الصاوى، بالإضافة إلى تمثال للمعبود بتاح من الفاينس الأزرق، وبعض الرموز الدينية، وبعض القطع الأثرية من الفخار المختلفة في الأشكال والأحجام والمستخدمة في الطقوس الدينية والحياة اليومية.
آثار المرصد الفلكي