طارق الجيوشي: 13 مليون طن الطاقة الإنتاجية لمصانع الجديد في مصر
محمد سيد حنفي: مصانع مواد البناء تواصل عمليات التصدير لتوفير العملة الأجنبية لاستيراد مدخلات الإنتاج
أحمد الزيني: شركات الاسمنت الأجنبية تتَعمد تعطيش السوق لرفع الاسعار وتعظيم أرباحها
أحمد شيرين: إعادة إعمار الدول العربية فرصة للتخلص من فائض الأسمنت المقدر بـ40 مليون طن
تستعد بعض شركات المقاولات المصرية للتوجه نحو ليبيا والعراق من أجل المشاركة في عمليات إعادة الإعمار، وعليه تأهبت شركات ومصانع مواد البناء في مصر لتوفير المواد الخام اللازمة خاصة أن الاعتماد في الأساس سيكون على المنتج المحلي نظرا لمطابقته للمواصفات العالمية والتمتع بمزايا تنافسية تجعله قادرًا على التصدير للخارج.
وأكدت مصادر لـ«العقارية» أن جميع مواد البناء التي سيتم استخدامها في إعادة إعمار ليبيا والعراق ستكون من السوق المصرية دون التأثير على حصة الاستهلاك المحلي، مشيرين إلى أن عمليات الإعمار من شأنها تنشيط الإنتاج بعد حالة من الركود بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع الطلب المحلي، بالإضافة إلى أنها تعمل على توفير حصيلة دولارية نتيجة لعملية التصدير، وهو ما يساهم في استيراد المصانع لمُستلزمات الإنتاج من الخارج دون اللجوء إلى الأسواق الموازية.
بداية قال طارق الجيوشي، عضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية ورئيس مجموعة الجيوشي للصلب، إن المنتج المصري في مختلف المجالات قادرًا على المنافسة خارجيًا، موضحًا أنه فيما يتعلق بمنتج حديد التسليح يصل حجم إنتاجه الفعلي من المصانع المحلية نحو 7 ملايين طن سنويًا في حين أن الطاقة القصوى للمصانع تبلغ نحو 13 مليون طن، منوهًا إلى أنه رقميًا فقد حققت صادرات مصر من الحديد خلال العام الماضي نموًا نسبته 65% لتصل إلى 2.331 مليار دولار، وهو ما يعزز ثقتنا في القدرة على تغطية احتياجات جميع الدولة المجاورة من حديد التسليح، مؤكدًا عدم تأثر احتياجات السوق المحلية من زيادة صادرات منتجات حديد التسليح المحلية للأسواق الخارجية.
وتابع «الجيوشي» في تصريحات خاصة لـ«العقارية»: أن استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه يمنح المنتج المصري تنافسية أعلى للدخول لأسواق جديدة وزيادة معدلات التصدير، فيكفي أن الوقت الحالي يشهد عدم وجود سوق سوداء في العملات الأجنبية، مؤكدًا أن تشغيل المصانع المحلية بطاقتها الإنتاجية القصوى يستلزم فقط المزيد من الدعم الحكومي فيما يتعلق بمدخلات الإنتاج ومن بينها أسعار الغاز".
وأوضح أن الكميات التي تنتجها مصانع حديد التسليح المحلية حاليًا تتراوح ما بين 6 و7 ملايين طن سنويًا وهي تقريبًا تلبي احتياجات السوق المحلية، مشيرًا إلى أن إجمالي الاستهلاك المحلي من حديد التسليح يدور في فلك 7 ملايين طن سنويًا وهذا الرقم مرشح للزيادة في ظل التوسعات العمرانية الجديدة التي تشهدها الدولة.
ولفت إلى أن المشروعات القومية العملاقة التى أطلقتها الدولة خلال السنوات الأخيرة ساهمت في زيادة إنتاج مصانع الحديد بالتزامن مع استقرار سعر صرف العملات، مشيرا إلى أن معدلات الإنشاءات التي تتم حاليًا لم تشهدها مصر منذ سنوات طويلة فهناك مدن جديدة بالكامل يتم بناؤها وذلك بخلاف المشروع الأهم وهو العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، وكل هذه المشروعات ساهمت بلاشك في تحقيق طفرة في الإنتاج المحلي من مواد البناء ومن بينها حديد التسليح، وهنا أعتقد أن المشروعات التي تنفذها الدولة حاليًا تستحوذ على ما يقرب من 50% من الإنتاج المحلي من مواد البناء.
في السياق ذاته قال محمد سيد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إن مصر تمتلك 35 مصنعًا للحديد أغلبها تعمل بأقل من نصف الطاقة الإنتاجية وفي حال الاحتياج ستقوم المصانع بزيادة خطوط الإنتاج لتوفير جميع المتطلبات سواء كان للإستهلاك المحلي أو التصدير والجزء الخاص بإعادة إعمار الدول العربية.
وأشار حنفي في تصريحاته لـ«العقارية» إلى أن احتياجات السوق المحلية تُمثل نُصف الطاقة الإنتاجية فعلى سبيل المثال مصر تُستهلك ما بين 7 و7.5 مليون طن من حديد التسليح سنويًا في حين أن طاقة المصانع تصل إلى 15 مليون طن، وكذلك طاقة مصنع الألومنيوم الواحد تتخطى الـ150 ألف طن في حين أن استهلاك السوق المحلي نحو 70 ألف طن سنويًا فقط، مؤكدًا أن هناك طاقات إنتاجية متوفرة قادرة على تلبية جميع الاحتياجات سواء كانت لإعمار ليبيا والعراق وسوريا أو غيرهم من الدول العربية والإفريقية.
وأوضح محمد سيد أن تلك الدول تضع العديد من الضوابط الأمنية والتراخيص والمواصفات القياسية، منوهًا إلى أنه في بعض الأحيان تكون هذه الشروط تعجيزية حسب وصفه، مشيرًا إلى أن الحديد المصري دومًا ما ينافسه الحديد التركي والأوروبي وكذلك الأوكراني سابقًا لما توفره تلك الدول من سهولة في الإجراءات للمصانع وكذلك في عمليات التصدير وهو ما يرفع تكلفته مقارنة مع منافسيه من الدول الأخرى.
وطالب «حنفي» بتسهيل الإجراءات والمساندة التصديرية والسرعة في استرداد ما تم دفعه تحت بند القيمة المضافة التي من المفترض أن تُسترد فور إتمام العملية التصديرية، منوهًا إلى أن المصانع تُعاني من تلك الأزمة والتأخير في استرداد القيمة المضافة.
وأكد أن المصانع تواصل عمليات التصدير لاحتياجها الشديد للعملة الأجنبية لاستيراد المواد الخام ومدخلات الإنتاج من الخارج رغم تعرضها للخسائر في بعض الأحيان لكثرة الإجراءات وصعوبة توفير العملة مثلما حدث بالفترة الماضية مما دفعهم للأسواق الموازية ومنه ارتفاع التكاليف وسعر المُنتج النهائي.
وبشأن الضغط على الدولار في حال زيادة خطوط الإنتاج، قال «حنفي» أن تلك المصانع توفر الدولار من الحصيلة التصديرية ومنه تقوم باستيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج، نافيًا أن زيادة خطوط الإنتاج ستزيد الضغط على الدولار لأنه يقوم بتدبيره.
وأضاف أن إعمار الدول العربية سيعود بالإيجاب على السوق المحلية لأنه سيدفع عجلة الإنتاج للتشغيل ومنه العمل بقوة الطاقة الإنتاجية للمصانع وزيادة الموارد الدولارية نتيجة للتصدير ودخول الدول العربية لإعادة إعمارها.
ونوه مدير عام غرفة الصناعات المعدنية إلى أن الطلب في السوق العالمية للحديد يؤثر بالفعل على نسبته داخل السوق المحلية لأن كثرة الطلب العالمي تدفع أسعار الخامات ومدخلات الإنتاج للتحرك والارتفاع ومنه التأثير المباشر على مصر لانها تعتمد على استيراد المواد الخام من الخارج، مشيرًا إلى أن الزيادات الجنونية التي وصل إليها سعر طن الحديد مطلع العام الحاليّ كانت بفعل ارتفاع أسعار المواد الخام العالمية وسعر صرف الدولار بالأسواق الموازية.
من جانبه قال أحمد شيرين، رئيس شعبة صناعة الاسمنت باتحاد الصناعات المصرية، إن عملية إعادة إعمار الدول العربية ستقوم بالاعتماد على مواد البناء بالسوق المحلية نظرًا لوجود فائض بالإنتاج، نافيًا أن إعادة الإعمار تتطلب زيادة الإنتاج حيث أن الاسمنت المصري به فائض كبير، بل أنه يُمثل عائد إيجابي لأنه سيُساهم في التخلص من الفائض الرهيب حسب وصفه، وأنه سيتم توجيهه إلى الدول العربية مما يساعد المصانع على استمرار تشغيل عجلة الإنتاج دون توقف.
وأكد «شيرين» في تصريحاته لـ«العقارية» أن الطاقة الإنتاجية لمصانع الاسمنت تبلغ ما بين 85 و90 مليون طن سنويًا في حين أن السوق المحلية تستهلك نحو 50 مليون طن وهو ما يشير إلى قدرة المصانع على تلبية الطلب لإعادة الإعمار، مشيرًا أن السوق المحلية سيعمل خلال الفترة المُقبلة سيركز على جميع المُنتجات التي بها فائض وتقوم بتصديره.
وأشار إلى أن معدل صادرات الاسمنت مستمر في الصعود حيث تخطت الـ12 مليون طن خلال العام المُنتهي 2023 ومتوقع زيادة الرقم خلال العام الحاليّ، منوهًا إلى أن الاسمنت المصري مُطابق للمواصفات العالمية ولا توجد أي مشاكل تواجه القطاع في عمليات التصدير بل تتم على أكمل وجه.
وبشأن الضغط على الدولار في حال زيادة الإنتاج، نفى شيرين هذا وقال إن عمليات التصدير ستساهم في توفير حصيلة دولارية ومنه استيراد ما يُلزم من مدخلات الإنتاج، مشيرًا إلى أن أسعار الفحم العالمي مُستقر منذ فترة.
من جانبه أوضح أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن مصر تقوم منذ فترة غير قصيرة بتصدير الأسمنت إلى السوق الليبي بجانب الإفريقي وكذلك الأوروبي وتقوم بعض المصانع بالتصدير إلى السوق الأمريكي، مشيرًا إلى أن تصدير الاسمنت شهد نموًا ملحوظًا خلال العام الحاليّ ومتوقع زيادة أرقام العام المُنتهي.
وأشار إلى أن بعض الشركات العاملة في قطاع الاسمنت أصبحت تركز أكثر على التصدير لتوفير السيولة الدولارية وتقليل الكمية الموجهة للإستهلاك المحلي مما تسبب في تعطيش السوق المصرية ومنه ارتفاع الأسعار.
وأوضح «الزيني» في تصريحات خاصة لـ«العقارية» أن جميع مصانع الاسمنت لا تعمل بكامل الطاقة الإنتاجية وفي حال العمل بكامل الطاقة سنكفي الأسواق الخارجية لقدرة المصانع على هذا، وبخصوص الضغط على الدولار أوضح «الزيني» أن أغلب شركات الاسمنت أجنبية وتُصدر منتجاتها للخارج ومنه تقوم بتوفير حصيلة دولارية ولا صحة لما تردد بشأن ارتفاع سعر الدولار في حال زيادة الخطوط الإنتاجية.
وقال إن عدد شركات الاسمنت بالسوق المصرية يبلغ نحو 23 شركة ومنهم 7 شركات أجنبية عاملة بالسوق المحلية ويعدوا ضمن أكبر المصانع والشركات المشهورة، منوهًا إلى أن البنك المركزي يحول أرباح تلك الشركات الأجنبية بالدولار.
وبشأن زيادة خطوط الإنتاج لفت رئيس غرفة مواد البناء إلى أنه لا يتوقع قيام شركات الاسمنت بمضاعفة الطاقة الإنتاجية الفعلية حيث أن تلك الشركات هي المستفيد الأول من تقليل وتعطيش السوق المحلية من الاسمنت حتى يتمكنوا من رفع الأسعار ومنه تعظيم الأرباح.
وبشأن أسعار السوق حاليًا قال الزيني أن سعر طن أسمنت الخرسانة يتراوح ما بين 2000 و2300 جنيهًا تسليم أرض المصنع ويصل إلى المُستهلك ما بين 2400 و2500 جنيهًا، بينما يسجل أسمنت التشطيبات حاليًا نحو ما بين 1600 و1800 جنيهًا تسليم أرض مصنع ويصل إلى المستهلك ما بين 1900 و2000 جنيهًا للطن الواحد.
وأوضح أن أسعار الحديد شهدت خلال شهر أغسطس الحاليّ 2024 شهدت استقرارًا ملحوظًا فقد تراوح ما بين 36500 و41700 جنيهًا تسليم أرض مصنع، ويصل إلى المُستهلك ما بين 38 ألف جنيه و41500 جنيهًا.
ونوه إلى أن أسعار الاسمنت شهدت ارتفاعًا ملحوظًا منذ نهاية يوليو المُنتهي وحتى أغسطس الحاليّ 2024 واصفًا ما قامت به الشركات من تطبيق زيادات جديدة في سعر طن الاسمنت أنها غير مبررة، حيث يعملوا على تعطيش السوق من المُنتج لرفع أسعاره وتعظيم أرباح تلك الشركات لا أكثر، موضحًا أن تكاليف النقل لم تتغير حتى الأن وأسعار النقل ثابتة.
وقال مصطفى جبس أحد تجار مواد البناء إن السوق يشهد حالة كبيرة من الركود وتراجع الطلب بسبب ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية إلا أن حاليًا لا توجد زيادة في الأسعار متأثرة بانخفاض الإقبال.
وأشار إلى أن أسواق الدهانات والطلاءات " البويات " شهدت حالة من الاستقرار والأسعار لم ترتفع منذ تحرير سعر الصرف مطلع مارس الماضي، منوهًا إلى أن المُستهلك يُقبل على شراء العلامة التجارية الشهيرة بسبب ارتفاع الأسعار فكل شئ أصبح مرتفع متابعًا: "كل الأسعار بقت غالية ومرتفعة زيادة بزيادة المشتري بقى يروح للماركة وخاصة أن الفرق 200 جنيه بس".
وأوضح أن الدهانات البلاستيك حاليًا تبدأ من 520 حتى 2600 جنيهًا، منوهًا إلى أن صناعة الدهانات تعتمد بشكل كُلي على البتروكيماويات و90% من مدخلات الإنتاج يتم استيردها من الخارج لذا فهي صناعة تتأثر بشكل مباشر في حال حدوث أي تغيير في سعر الدولار.