قررت بعض البنوك بشكل وقف منح تمويلات جديدة لشركات الأسمدة بشكل، بسبب مخاطر تعثر محتملة تواجه هذه الصناعة في مصر، بحسب "الشرق"
عانت شركات الأسمدة في مصر خلال السنوات القليلة الماضية من عدة أزمات أبرزها نقص الدولار اللازم لعملياتها الاستيرادية، وارتفاع تكلفة الإنتاج عليها وعدم تمكنها من زيادة الأسعار بما يوازي تكلفة الإنتاج، وتراجع الإنتاج بسبب انقطاعات متكررة للغاز الطبيعي اللازم لتشغيل المصانع، وسط نقص في إنتاج البلاد من الغاز، وارتفاع الطلب داخلياً، ما دفع البلاد إلى استئجار "سفينة تغويز"، واستيراد ما يصل إلى 26 شحنة من الغاز المسال، لحل هذه الأزمة مؤقتاً.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الزراعة المصري علاء فاروق في تصريحات لـ"الشرق"، بأن أزمة نقص الأسمدة تم حلها، بعدما وزعت الحكومة ما يصل إلى 136 ألف طن من الأسمدة على المزارعين خلال يوليو الماضي، مشدداً على أن المصانع "عادت للعمل والإنتاج، وما نستلمه من المصانع، نوزعه على الفور".
الأكثر مخاطرة
قال نائب رئيس أحد البنوك الخاصة إن مصرفه "وضع نشاط الأسمدة على رأس القطاعات الأكثر مخاطرة في السوق، بسبب تعثر كبار المقترضين من القطاع المصرفي". وأضاف أن "تعثر شركات أسمدة كبرى يعطي مؤشراً لمخاطر محتملة قد تتعرض لها شركات أخرى تعمل في نفس النشاط"، وهو ما دفع مصرفه للتحفظ على تمويل شركات الأسمدة الخاصة، مؤكداً أن "بنوكاً أخرى "أوقفت منح أي قروض لشركات القطاع باستثناء الشركات الحكومية".
شيكات المجاملة
ومن جهه أخرى قال مدير عام الائتمان في أحد البنوك الحكومية إن ظاهرة الشيكات المرتدة، أو ما يعرف بـ"شيكات المجاملة" سيطرت على معاملات عدد كبير من شركات الأسمدة، و"التي تلجأ إلى إصدار شيكات تحت التحصيل لبيع منتجاتها لشركات أخرى، وتقوم بالاقتراض بضمان هذه المحفظة من الشيكات، التي تكون مرتدة في معظمها".
وفي ذات السياق قال رئيس أحد البنوك الخاصة الخليجية، إن "بوادر مخاطر تمويل بعض شركات الأسمدة ظهرت بعد تقديمهم شيكات مجاملة لا يقابلها تعامل حقيقي"، مضيفاً أن "قطاع الأسمدة يعاني من بعض التحديات حالياً على غرار إمدادات الكهرباء والغاز".
أما رئيس أحد البنوك الخاصة فقال لـ"الشرق" إن البنك "يعتمد على تمويل كبار العملاء في قطاع الأسمدة، مبتعداً عن صغار العملاء، وذلك تخوفاً من تعثرهم وعدم قدرتهم على السداد، بعد أن مر هذا القطاع بأزمات عديدة".
لجأت البنوك إلى "تكوين مخصصات مع تزايد الديون المستحقة على شركات أسمدة"، كما أدى تكرر أزمة الطاقة إلى توقف العمل بعدد من المصانع، وهو ما قد يعيق قدرتها على سداد التزاماتها لدى البنوك في المواعيد المتفق عليها".
من جهته، رأى رئيس تنفيذي لإحدى أكبر شركات الأسمدة مشترطاً عدم نشر اسمه، أن توقف البنوك عن منح تسهيلات لشركات الأسمدة، أدى إلى "تعطيل استثمارات ضخمة من دون مبرر"، مضيفاً أن مساندة المصانع حين تتعرض لمشاكل، "هو دور أساسي للبنوك التي فضلت تمويل التجارة والاستيراد، بعد تراجع إنتاجية المصانع".
يرى نادر أشرف، محلل قطاع الأسمدة في شركة "النعيم القابضة للاستثمارات المالية"، أن البنوك "لديها الحق في التحوط من تمويل قطاع الأسمدة تحت ضغوط مخاوف التعثر، وذلك بسبب الأزمات التي مر بها القطاع". وأضاف: "لكن من المتوقع على المدى المتوسط تحسن أوضاع القطاع، بعد استيراد الكميات الكافية من الغاز".
أما مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث في شركة "عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية"، فرأى في تصريح لـ"الشرق" أن ما يمر به القطاع من تحديات وأزمات على رأسها نقص إمدادات الغاز الذي يعد من أهم مدخلات الإنتاج، دفع البنوك إلى التشدد في منح تمويلات جديدة للشركات العاملة في هذا النشاط".
وتابع أن "شركات الأسمدة محاصرة بين مطرقة انخفاض التسعير المحلي لتوريده للمزارعين بسعر مدعم، وسندان ارتفاع تكلفة إنتاج كل مليون وحدة حرارية من الغاز"، مشيراً إلى أن الشركة "نصحت عملاءها بالابتعاد عن الاستثمار في قطاع الأسمدة بسبب التحديات التي تمر بها شركات القطاع"، موضحاً أن إلزام الحكومة لشركات الأسمدة بتوريد جزء من إجمالي إنتاجها للسوق المحلية بالسعر المدعم، أصبح من أهم هذه التحديات".
تُلزم الحكومة منتجي الأسمدة بتوريد 55% من إنتاجهم بسعر مدعم إلى وزارة الزراعة لتغطية احتياجات السوق المحلية، مقابل السماح لهم بتصدير الكميات المتبقية، وهو ما لا يساعدهم في سداد ما عليهم من قروض بانتظام. ويحصل المزارعون المصريون على حصص موسمية من الأسمدة بأسعار مدعمة، وتقوم وزارة الزراعة بتوزيع هذه الحصص من خلال الجمعيات التعاونية.