قد تشهد صناديق الثروة السيادية حول العالم تغييرات عميقة، في ظل لجوء الحكومات التي تعاني حاليًا من أزمات مالية إلى تلك الصناديق، للمساعدة في سد عجز التدفقات النقدية ودعم الاقتصادات المحلية، وفق ما جاء في تقرير لأكاديميين بجامعتي بوكوني ونيويورك وكلية لندن للاقتصاد .
وبشكل خاص، تواجه الاقتصادات المعتمدة على النفط أشد صدمة في تاريخها، إذ تشهد أكبر انخفاض في الطلب منذ زمن بعيد، وهو ما يعصف بإيرادات تلك الدول، وفي الوقت نفسه، تجبرها جائحة "كوفيد-19" على تكثيف برامج التحفيز المالي.
ونتيجة لذلك، اتجهت صناديق الثروة في الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لبيع نحو 225 مليار دولار من حيازاتها في أسواق الأسهم، وفق تقديرات محللي جي بي مورجان، والتي نشرتها وكالة رويترز في مارس الماضي، فيما توقع معهد التمويل الدولي أن تفقد الصناديق السيادية الخليجية نحو 80 مليار دولار من حيازاتها بسبب الجائحة.
والكثير من الأموال الخارجة: شهدت الصناديق السيادية في النرويج وإيران والكويت ونيجيريا عمليات سحب لتمويل الحكومات، بينما أنفقت حكومات سنغافورة وماليزيا وتركيا من أصول صناديقها السيادية لإنقاذ الشركات المحلية المتعثرة بسبب الجائحة.
وتوقع دييجو لوبيز العضو المنتدب لمؤسسة صناديق الثروة السيادية العالمية، وهي شركة تتتبع صناديق الثروة السيادية، أن تشهد دول الخليج بصفة خاصة عدة عمليات سحب أخرى لتمويل عجزها المالي.
ويمكن لصناديق الثروة السيادية أن تصير "أكثر فعالية" بعد الجائحة، لكن أقل تركيزا على الربحية: بدلاً من الاستثمار عالميا، ربما يخلق "كوفيد-19" صناديق ثروة سيادية "أكثر فاعلية"، تركز على الاستثمارات المحلية بدلا من البحث عن العائدات في الخارج، وهو ما يشير إليه التقرير.
ويعني هذا أن تلك الصناديق، التي تمتلك مجتمعة أصولا تزيد قيمتها عن 6 تريليونات دولار، ستخسر عوائدها المالية لأنها "ستركز على التأثير الاقتصادي والاجتماعي الأوسع"، كما يضيف التقرير، موضحًا أن الخسائر "على الورق" ستكون في حدود 800 مليار دولار.
وشهدت صناديق الثروة السيادية تراجعا في الاستثمارات المباشرة بالفعل قبل انتشار الجائحة، وفقا لشبكة سي إن بي سي.
هل يعني ذلك أن "العصر الذهبي" للصناديق السيادية قد ولى؟ الإجابة المختصرة نعم، بحسب التقرير الذي يقول إن تراجع أسعار النفط، وزيادة الإجراءات الحمائية، والحواجز التجارية الجديدة بين البلدان، أفسدت صناديق الثروة السيادية في العقدين الماضيين.
وبينما سيبقى هناك بعض اللاعبين الأقوياء بين الصناديق السيادية، فإن الوباء والانكماش الاقتصادي يشكلان تحديا جوهريا لتلك الصناديق.
ويقول التقرير، إن التغييرات الجذرية التي تحدثها الأزمات الحالية لن يسلم منها بلد أو صندوق سيادي. وسيدفع ذلك المستثمرين السياديين جميعًا إلى إعادة تقييم استراتيجيتهم الاستثمارية، إذ ينبغي أن تدخل التزامات القطاع العام في الدولة ضمن حسابات صندوقها السيادي، حسبما يقول التقرير.