خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر، وبالتحديد قبل نحو 139 عاماً سجلت مدينة شيكاغو الأمربكية تشييد أول ناطحة سحاب عُرفت حينئذ بـ"مبنى بيت التأمين"، حيث صممها المهندس المعماري ويليام لوبارون جيني، حيث اعتُبرت أول ناطحة سحاب في العالم في ذلك الوقت رغم أنها تتكون من عشرة طوابق حتى عُرفت باسم "الأب" لناطحات السحاب كافة.
أول ناطحة سحاب في العالم
بيد مالا يعرفه الكثير، أن أول مبنى على الأرض عرفته البشرية بأدوار تتجاوز العشرة كان في الواقع قبل نحو 2424 عاماً، تحديداً في منطقة الفاو التراثية التي سُجلت أخيراً مناظرها الثقافية في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، بوصفه موقعاً ثقافياً يمتلك قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني.
برج قرية الفاو
إذ عُثر في قرية الفاو الأثرية أثناء التنقيبات على لوحة جدارية تحوي رسما لبرج أُنشئ في قرية الفاو، واستخدم لأغراض معينة في تلك الفترة، إذ يحوى أول ناطحة سحاب عرفتها الأرض 400 سنة قبل الميلاد على العديد من المرافق في فنون معمارية عرفها العرب القدامى على أطراف الربع الخالي.
وتشير المسوحات الأثرية التي أجراها عدد من الآثاريين، وعلى رأسهم عالم الآثار عبدالرحمن الأنصاري رحمه الله، والذين سجلوا اكتشافات الفاو.. وتعتبر ناطحة سحاب الفاو الأولى التي عرفتها البشرية والتي بُنيت في مركز تجاري هام وملتقى القوافل التي تشاهد هذا البرج من على بُعد، لتكن الفاو محطة تجارية ومركزاً ماليا شهيراً في تاريخ القوافل وطرق التجارة القديمة.
وتشير المسوحات الأثرية أن الفاو كانت عامرة بالمساكن والمخازن والحوانيت والفنادق، وبها أكثر من 17 بئراً، حيث عمل أهلها بالتجارة والزراعة وممارسة أنشطة ترفيهية متعددة.
أعمال التنقيب في الفاو
ويقول أشهر الآثاريين عبدالرحمن الانصاري، المسؤول عن أعمال التنقيب في الفاو، معلقًا في الكتاب المصور "بصفتها عاصمة مملكة كندة، كانت الفاو مركزاً دينيا واقتصادياً وسياسياً وثقافياً في قلب شبه الجزيرة العربية، وأقيم السوق التجاري في الفاو باستخدام كتل من الحجر الجيري والطوب، وكان السوق من ثلاثة طوابق تحيط به سبعة أبراج للتخزين".
كما أن الرفاهية الاقتصادية في الفاو، قد أظهرت عدد من قوارير وزجاجات العطور المكتشفة في قرية الفاو، في إشارة لما تتمتع فيه الحضارات القديمة من ثراء وتطور.
وتعد الفاو اليوم ثامن موقع في السعودية يتم تسجيله ضمن التراث العالمي، بعد عدد من المواقع التي سجلتها السعودية تباعاً خلال الأعوام السابقة.
وتعد السعودية اليوم واحدة من أكثر المواقع التي تسجل اكتشافات أثرية على مستوى العالم، حيث يشير خبراء أن العديد من الحضارات والآثار لا تزال مدفونة تحت الرمال ولم تكتشف بعد، حيث تعمل هيئة التراث على مزيد من الاكتشافات بالتعاون مع البعثات الخارجية في عدد من المواقع داخل السعودية في الفترة الحالية.