بعد مرور عدة أشهر على تحرير سعر الصرف، بدأ يظهر تأثير حزمة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة في مارس الماضي على أداء القطاع الخاص في مصر.
أشار الخبراء إلى أن هناك تحسنًا في أداء القطاع الخاص في مايو، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات في مصر أعلى مستوى له في ثلاث سنوات خلال مايو 2024 بفضل تراجع الضغوط التضخمية. ورغم ذلك، فإن الانكماش في التصنيع يشير إلى أن التعافي لا يزال غير متوازن وقد يستغرق بعض الوقت.
توضح الدكتورة يمن الحماقي، خبيرة الاقتصاد، أن جميع المؤشرات الصادرة عن الجهات الرقابية والمؤسسات الخاصة تؤكد أن العجز في طريقه إلى الانحسار، سواء كان عجز الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي أو البنك المركزي. فقد تراجع العجز في القطاع المصرفي إلى 4.2 مليار دولار بدلاً من 22 مليار دولار في نهاية فبراير من العام نفسه، كما سجل عجز الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي تراجعًا ليصل إلى 1.4 مليار دولار فقط بدلاً من 8.7 مليار دولار.
وأضافت الحماقي أن التضخم انخفض في نهاية أبريل الماضي إلى 31.8%، بتراجع 2% عن معدل التضخم في نهاية مارس والذي بلغ 33.7%. وعلى مستوى عجز الموازنة العامة للدولة، من المتوقع أن ينخفض هذا العام إلى 5.5%.
وتشير الحماقي إلى أن الأرقام المبهجة وتعديل التصنيفات ومعدلات تدفق الأموال تعكس تأثيرًا إيجابيًا على الاستثمارات المحلية، مما ينعكس على فرص العمل في القطاع الخاص وظروف المعيشة للطبقة المتوسطة، ويبشر بإنقاذ هذه الطبقة من التفتت والاندثار.
وتساءلت الحماقي عن مدى تأثير التدفقات النقدية الكبرى بالعملات الأجنبية التي دخلت الاقتصاد مؤخرًا، سواء عن طريق صفقات استثمارية كبرى أو مزيد من الاقتراض من المؤسسات الدولية، على حل مشكلات القطاع الخاص في مصر. وأكدت على ضرورة وجود خطة محكمة لاستغلال هذه التدفقات في إيجاد حلول بديلة للمشكلات التي عانى منها الاقتصاد خلال سنوات الأزمة.
كما شددت الحماقي على حاجة القطاع الخاص إلى تدخل عاجل لحل جميع المشكلات التي يعاني منها، وضرورة تقديم الحلول الفورية للاستثمارات المتعثرة مع البنوك والضرائب والتأمينات. وأكدت أن من الأهمية بمكان تقديم جميع التسهيلات الفعلية للقطاع الخاص، خاصة في مجال التصنيع، لاستعادة عافيته مرة أخرى.
ونوهت الحماقي إلى أن العديد من المشروعات مهددة بالتوقف بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها البلاد، مثل ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة وقطع غيار الماكينات، إضافة إلى الأعباء المالية التي فرضتها وزارة المالية من ارتفاع جمارك وضرائب وتأمينات، وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والطاقة وضرورة رفع أجور العاملين لمواكبة التضخم.
تأمل الحماقي في أن تسهم هذه التسهيلات والدعم المستمر في تجنب إغلاق أو إفلاس المشروعات واستعادة نشاط القطاع الخاص ليعود إلى مساره الطبيعي في ظل الظروف الاقتصادية المتغيرة.