ما زال عدد المليونيرات في الولايات المتحدة في تزايد مستمر، ووفقًا لشركة زيبيا، وصل عددهم إلى 22 مليون شخص، ما يمثل 8.8% من إجمالي السكان و39% من أصحاب الملايين في العالم. ولكن، هل يؤثر هؤلاء الأفراد في الاقتصاد العام؟
أفادت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، مستشهدة بـ "تقرير الثروة العالمية" الصادر عن شركة كابجيميني، أن الولايات المتحدة أضافت 500 ألف مليونير العام الماضي، حيث نمت هذه الشريحة بنسبة 7.3% في 2023، وارتفع إجمالي ثرواتهم إلى 26.1 تريليون دولار، بزيادة 7% عن عام 2022.
أشارت كابجيميني إلى عدة عوامل وراء هذه الزيادة، منها: "قادت الزخم مرونة اقتصادية قوية، وتراجع الضغوط التضخمية، وارتفاع هائل في سوق الأسهم الأمريكية". وأضافت: "أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز العام بمكاسب بلغت 24%، في حين ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 43% تقريباً، مدفوعاً بأسهم التكنولوجيا"، وفقاً لموقع "جو بانكنج ريتس".
كما ساهمت مبادرات الإنفاق الحكومية في تعزيز نمو رأس المال وتحفيز نشاط الاستثمار في التصنيع.
يشير الخبراء إلى تأثير متبادل بين المليونيرات والاقتصاد. حيث قال مايكل كولينز، المحلل المالي المعتمد والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة وينكاب فاينانشيال: "قد يواجه أصحاب الملايين سمعة سيئة في بعض الأحيان لعدم إسهامهم بشكل كاف في الاقتصاد، أو لعدم دفع حصتهم العادلة من الضرائب، لكنهم عموماً يحسنون الاقتصاد أكثر مما يضرونه".
وأضاف بيتر سي إيرل، كبير الاقتصاديين في المعهد الأمريكي للأبحاث الاقتصادية، أن نسبة كبيرة من الأثرياء الأمريكيين يمتلكون أعمالاً تجارية، مما يعني أنهم المحرك الرئيسي لاستحداث فرص العمل في الولايات المتحدة واستدامتها وتنميتها.
ومع ذلك، يرى إيرل أن تركيز رأس المال يمكن أن يؤدي إلى "تأثير أشبه بتصرفات القطيع" حتى بين الأثرياء. "مثلاً، إذا تم إقرار مقترح الميزانية لعام 2025 كما هو، وكان من المتوقع أن ترتفع ضرائب أرباح رأس المال المحلية على أصحاب الثروات الكبيرة فجأة إلى مستويات قد تتجاوز 50% (عند دمجها مع ضرائب الولاية)، فقد يحدث نزوح جماعي من الأسواق المالية".
يؤثر هؤلاء الأثرياء أيضاً في سوق الإسكان. وفقًا لتقرير كابجيميني: "على الرغم من ارتفاع معدلات الرهن العقاري، ارتفعت أسواق العقارات الفاخرة العالمية. وشهدت المواقع الأكثر طلباً مثل لندن ونيويورك ودبي مبيعات عقارات فاخرة بمتوسط سعر يتجاوز 20 مليون دولار. وشهدت نيويورك زيادة بنسبة 9% في الصفقات الفاخرة في الربع الأخير من 2023 مقارنة بالفترة نفسها في 2022".
في الواقع، وجد تقرير من شركة ريدفين أن 34.5% من عمليات شراء المنازل في فبراير كانت نقداً.
وفقاً لمايكل ميشيليتي، خبير حقوق الملكية العقارية والإسكان في شركة أنلوك تكنولوجيز، إن اتجاه الشراء النقدي هذا اكتسب زخماً في الأشهر الأخيرة، مما يزيد الضغط على سوق الإسكان الصعبة بالفعل، ويزيح الكثير من المشترين إلى الهامش في الآونة الأخيرة.
وقال ميشيليتي: "هذا الارتفاع في عدد المشترين الذين يدفعون المبلغ كاملاً نقداً يؤدي إلى تقليل المخزون للمشترين المحتملين الذين يحتاجون إلى تمويل -بمن فيهم العديد من المشترين لأول مرة إن لم يكن معظمهم".
من جانبه، جادل كولينز، من "وينكاب"، بأن المليونيرات عادة ما يملكون مستويات أعلى من الدخل المتاح، الذي يستخدمونه لشراء السلع والخدمات، مما يزيد من تغذية الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
وأضاف أن عائدات الضرائب هي طريقة أخرى يساعد بها أصحاب الملايين الاقتصاد، كونهم يدفعون مبلغاً أعلى من الضرائب مقارنة بالأفراد ذوي الدخل المنخفض.