بحلول شهر مايو الماضي ، ارتفعت الاحتياطات النقدية لمصر إلى أعلي مستوياتها، حينما وصلت 46.1 مليار دولار، لتنعش معها الآمال في تعويض الجنيه عن الخسائر التى لحقت به أمام العملة الأمريكية الدولار، وهو ما لم يتحقق.
الاحتياطي النقدي
واعتبر عدد من الخبراء أن استغلال الاحتياطات النقدية في دعم قيمة الجنيه مقابل الدولار سيكون تكرار لنفس الازمات الاقتصادية السابقة، وأن أي تحسن في قيمة الجنيه يجب أن يكون مرتبط بشكل أساسي بزيادة زيادة معدلات الإنتاج الصناعي والتصدير.
الاحتياطي النقدي لمصر
قفز الاحتياطي النقدي لمصر لمستويات 45.5 مليار دولار بحلول فبراير 2024، ولكن دفعت أزمة كورونا إلى قيام محافظ البنك المركزي السابق طارق عامر للسحب منه لتغطية تراجع استثمارات الأجانب في أدوات الدين، وتلبية احتياجات البلاد الاستيرادية، وسداد الالتزامات الخارجية ليهبط إلى مستويات 33.14 مليار دولار عند رحيلة بنهاية أغسطس 2022، وسط ازمة طاحنة في نقص السيولة الأجنبية.
وقال هاني توفيق الخبير الاقتصادي، إن قيام البنك المركزي باستخدام الاحتياطات النقدية بعد وصلها لمستويات قياسية في خفض سعر الصرف، سيكون خطأ اقتصادي كبير وتكرار لنفس الأخطاء الاقتصادية السابقة.
دعم الجنيه يدفع لتخارج الاستثمارات الأجنبية من أدوات الدين
ووجهت انتقادات لمحافظ البنك المركزي السابق طارق عامر، في استخدام الاحتياطات النقدية للدفاع عن قيمة الجنيه وتثبيتها، وتقييد عمليات الاستيراد، ما ادي إلى ظهور سوق سوداء للعملة، وتكدس الالاف من البضائع في الموانئ، وارتفاعات قياسية في مستويات التضخم.
وتابع "توفيق" خلال تصريحات صحفية: محافظ البنك المركزي الحالي حسن عبدالله أذكي من أنه يكرر نفس أخطأ الماضي، لأنه إذ سمح باستغلال تلك الاحتياطات في زيادة قيمة الجنيه أمام الدولار، سيجعل المستثمرون في الأموال الساخنة يحققون أرباح رأسمالية قوية، تجعلهم يسارعون بالتخارج على الفور من السوق المصري.
حرر المحافظ الجديد حسن عبدالله سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في مارس الماضي؛ ليتراجع بالبنوك من 30 جنيها إلى 50 جنيها مع رفع الفائدة 600 نقطة أساس؛ وأكد إنه لن يسعي لاستهداف سعر صرف محدد بعد الان بل سيعمل على خفض معدلات التضخم ووصلها للمستويات المستهدفة.
عملت القرارات الجديدة، على إنعاش التدفقات النقد الأجنبي على الاقتصاد، بإبرام اكبر اتفاقية استثمار اجنبي مباشر مع دولة الامارات بتطوير مشروع رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، وتأمين تمويلات من صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، وعودة استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية لترتفع إلى نحو 32.64 مليار دولار بنهاية مارس الماضي، من 13.62 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي الماضي.
سداد المديونيات والافراج عن السلع الأولويات الحالية:
وأضاف "توفيق"، هناك أولويات اخري لاستغلال الاحتياطي النقدي بعيدا عن دعم قيمة الجنيه، وهي توفير مستلزمات الإنتاج للمصانع، والافراج الجمركي عن السلع المكدسة بالموانئ، وسداد مستحقات الديون.
سدد البنك المركزي 15.55 مليار دولار إجمالي أقساط وفوائد الديون الخارجية خلال النصف الأول من العام المالي 2023/2024، وأفرج عن حجم بضائع مكدس بالموانئ بنحو 17 مليار دولار.
واستكمل،"تحسن قيمة الجنيه لن يتحقق إلا بعد زيادة النشاط الصناعي والتصديري، وليس من خلال بيع عدد من أصول الدولة، ورفع الاحتياطي النقدي."
وشهدت قيمة الجنيه امام الدولار منذ مارس ارتفاعا من مستويات 50 جنيها إلى 47.70 جنيها حاليا، مع تأكيد عدد من المؤسسات الدولية على التزام بسياسية سعر صرف مرن.
رفع قيمة الجنيه ليست مقياس على تحسن الاقتصاد: وقالت عليا المهدي الخبيرة الاقتصادية، إن على الرغم من صعود الاحتياطي النقدي ووصله إلى اعلي مستوياته على الإطلاق، إلا أنها لا تعتبر ان تلك المستويات ضئيلة إذ قورنت بحجم المديونيات الخارجية المرتفعة.
وبلغ إجمالي حجم الدين الخارجي علي مصر 168 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام المالي 2023-2024 مقارنة 164 مليار دولار بنهاية الربع الأول من نفس العام المالي.
وأضافت "المهدي"،"ليس لدي البنك المركزي أي قدرة على السحب من الاحتياطي النقدي ودعم قيمة الجنيه بسبب معدلات المديونية الخارجية المرتفعة، بالإضافة إلى أن الجزء الأكبر من هذه الاحتياطات ليست ناتج عن إيرادات دولاريه حققتها البلاد بل ديون وقروض في الأساس.
ويتوقع جولد مان ساكس، أن يواصل الاحتياطي النقد لمصر ارتفاعاته ليصل إلى 60 مليار دولار بحول 2027.
وتري" المهدي"، أن التفكير في رفع قيمة الجنيه ليس من التأثيرات الجيدة على الاقتصادي، مستشهدا بالصين بأنها تسعي لخفض قيمة عملها على العكس من أنها من المفترض ان تكون اقوي مما عليه وذلك لضمان تنافسية صادرت الصينة بالعالم الخارجي