تحرك عاجل من البرلمان بشأن قطع الأشجار ما تسبب في ارتفاع درجات الحرارة


الخميس 13 يونية 2024 | 01:16 مساءً
قطع الأشجار
قطع الأشجار
العقارية

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة موجه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزيرة البيئة، ووزير النقل، ووزير التنمية المحلية، بشأن "تراجع المساحات الخضراء بالإقليم المصري والقطع الجائر للأشجار ما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.

وقالت النائبة مها عبد الناصر، في مستهل طلب الإحاطة، إن الدولة المصرية شهدت في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، بعدما كانت مصر قبلة للسائحين في مختلف فصول العام بسبب مناخها المعتدل.

وتابعت عبد الناصر: خلال الأعوام السابقة وبالتحديد في الصيف الحالي استشعرنا جميعًا درجات الحرارة الغريبة وغير المعتادة على الإقليم المصري، والتي اتضحت جليا عندما أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في يوم ٧ يونيو الحالي عن تصدر محافظة أسوان قائمة المدن الأعلى حرارة على وجه الأرض، بدرجة حرارة وصلت إلى ٤٩.٦ درجة مئوية.

وأضافت النائبة: وجاءت الأقصر بالمركز العاشر بـ٤٧ درجة مئوية، ومدينة أبو سمبل في المركز الثاني عشر بـ٤٦.٦ درجة مئوية، وجنوب الوادي بمحافظة قنا في المركز الخامس عشر بدرجة حرارة ٤٦.٤ درجة مئوية.

وأشارت عبد الناصر إلى أنه بالبحث في أبعاد وملابسات ذلك الأمر، توصلنا إلى أن من أهم مسببات تلك الظاهرة وتفاقمها هو التراجع الكبير في المساحات الخضراء داخل الإقليم المصري خلال السنوات الماضية، بجانب القطع الجائر للأشجار بمختلف أنحاء الجمهورية؛ حيث إنه من المعروف علميًّا أن الأشجار تلعب دورًا حيويًّا في تلطيف المناخ وتنقية الهواء وتقليل تأثير الاحتباس الحراري من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين، إلا أننا لاحظنا جميعًا وبشكل متزايد قيام بعض الجهات بقطع الأشجار بطرق غير منظمة ودون مراعاة للتوازن البيئي بأي شكل من الأشكال من أجل التوسع العمراني وتطوير البنية التحتية وإنشاء الطرق والكباري.

وأكدت عضو مجلس النواب أنه وفقًا لعدد من التقارير والإحصائيات الخاصة بالشأن البيئي في مصر فقد تم تدمير ما يقرب من ٩١٠ آلاف من المساحات الخضراء في محافظة القاهرة فقط بين عامَي ٢٠١٧ و٢٠٢٠، فضلًا عن تراجع المساحات الخضراء في مصر من ٧.٨ مليون متر مربع في ٢٠١٧ إلى ٦.٩ مليون متر مربع في عام ٢٠٢٠.

واستشهدت النائبة بمنطقة شرق القاهرة، قائلةً: "فعلى سبيل المثال فقدت منطقتا مصر الجديدة وشرق مدينة نصر وحدهما ما يقرب من ٥٨٤ ألف متر مربع من المساحات الخضراء، وهذا بسبب التوسع في إنشاء شبكة الطرق السريعة داخل المناطق السكنية، تطبيقًا لخطة الدولة التي تستهدف زيادة الطرق المخصصة لقيادة السيارات الخاصة؛ ما أدى إلى وصول معدل مؤشر زيادة استخدام السيارات إلى أربعة أضعاف النمو السكاني".

وأكدت عبد الناصر أن الأشجار تُعد وسيلة أساسية ومنخفضة التكلفة وفعالة لمعالجة تلوث الهواء والضوضاء، وتوفير الظل، وتبريد الشوارع وسط ارتفاع درجات الحرارة القياسي في الآونة الأخيرة؛ ولكن من الواضح أن الحكومة لا تعلم ذلك الأمر!

وأكدت النائبة أن من ضمن الأسباب الرئيسية لتفاقم تلك الظاهرة هو عدم تبني الحكومة سياسات تحفز القطاع الخاص والمجتمع المدني على الاستثمار في تشجير وزيادة زراعة أسطح المباني الموجودة في الأماكن المكتظة بالعمران، فضلًا عن عدم وجود أطر واضحة للتعاون بين القطاعات في ما يخص تخصيص الموارد وحرية الحركة وإطلاق المبادرات.

واستطردت النائبة: كما أننا لا نرى أي نوع من أنواع التوسع في قواعد البيانات الخاصة بالتنبؤات المناخية وآثارها في جميع المدن، ومشاركتها بين القطاعات والجمهور، لإدارة الأخطار بشكل أكثر احترافية وشمولية.

وشددت عضو مجلس النواب على أن الجهات التنفيذية ما زالت تتعامل بأسلوب الجزر المنعزلة في هذا الملف؛ حيث إننا فوجئنا أنه في وسط الاستغاثات والنداءات الجماهيرية العديدة للحكومة من أجل إعادة تشجير وتخضير مختلف المناطق مرة أخرى لمواجهة تلك الظاهرة، تقوم الحكومة بتنفيذ مجازر بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ في حق عدد جديد من المساحات الخضراء والأشجار، كان آخرها تجريف الأشجار الموجودة بمنطقة مجرى السيل بثكنات المعادي، وأيضًا شجر الميريلاند الموجود بمنطقة مصر الجديدة! وذلك على الرغم من أن تلك المساحات الخضراء والأشجار بعيدة بشكل كافٍ عن الأعمال الإنشائية التي تتم هناك؛ ولكنها من الواضح أنها أصبحت عادة روتينية عند الجهات التنفيذية، فعندما يحضر الأسفلت والأسمنت لا بد من قتل كل ما هو أخضر.

وأكدت عبد الناصر أنه من هذا المنطلق نود أن نحيط علم الجهات التنفيذية إذا كانت لا تعلم جيدًا أن القطع الجائر للأشجار يُسهم في فقدان الغطاء النباتي الذي يساعد على تبريد الجو وخفض درجات الحرار، كما أن فقدان الأشجار يؤدي إلى زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، مما يسهم بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري، فضلًا عن أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة حالات الإجهاد الحراري، والأمراض المرتبطة بالحرارة؛ مثل الجفاف وضربات الشمس، خصوصًا بين الفئات الأكثر عرضة كالأطفال وكبار السن.

وأضافت النائبة: هذا بالطبع بجانب أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من استهلاك الطاقة الكهربائية؛ بسبب زيادة استخدام أجهزة التكييف والمبردات، مما يرفع من الأعباء الاقتصادية على المواطنين وعلى الدولة.

وأردفت عبد الناصر: هناك العديد من البيانات المهمة تشير إلى أن مستوى سطح البحر عند السواحل المصرية إذا استمرت الأوضاع الجوية على هذا النمط سيرتفع بمعدل ٣٠ سم بحلول عام ٢٠٥٠، ما يهدد ربع مساحة الخط الساحلي الممتد من بورسعيد إلى الإسكندرية، ويؤثر في ارتفاع ملوحة الأراضي الزراعية والمياه الجوفية.

ونوهت عبد الناصر بأن التغير المناخي قد يقلص من حجم الإنتاج الزراعي من المحاصيل الغذائية بنسبة ١٠٪ بحلول ٢٠٥٠، وبالفعل خلال العقدين الماضيين، لاحظنا انخفاض وتيرة نمو إنتاج الذرة والقمح والأرز، التي هي المحاصيل الأساسية الغذائية لدى المصريين؛ بسبب زيادة معدلات الاحترار العالمي، إضافة إلى ذلك فقد تفقد مصر ٣٠٪ من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام ٢٠٤٠، بسبب ارتفاع عدد الأيام الدافئة خلال العام، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

واختتمت النائبة عبد الناصر طلب الإحاطة، مُطالبةً الحكومة بإجراء تحقيق شامل حول الأسباب والجهات المسؤولة عن قطع الأشجار وتقليص المساحات الخضراء بهذا الشكل، وتقديم المتورطين للمساءلة، بجانب تنفيذ حملات تخضير وتشجير عاجلة وسريعة بمختلف أنحاء الجمهورية، بالتوازي مع تنفيذ حملات توعية موسعة حول أهمية الأشجار والغطاء النباتي في تلطيف المناخ، وتشجيع المواطنين على زراعة الأشجار والحفاظ عليها، إلى جانب إطلاق مبادرات وطنية لإعادة التشجير وزيادة المساحات الخضراء في المدن والقرى، بما يُسهم في تحسين البيئة وخفض درجات الحرارة مرة أخرى.

وطالبت النائبة أيضًا كل الجهات التنفيذية المعنية بالأمر بتجريم قطع أو اقتلاع أو حرق أي نوع من أنواع الأشجار والمساحات الخضراء بمختلف أنحاء الجمهورية بأي شكل من الأشكال والابتعاد عن تلك الممارسات غير الحضارية من جانب أية جهة أيًّا كانت، وتحت أي ظرف، وفي ضوء أي مسمى من المسميات ولأي اعتبارات.