مبادرات المركزي.. الطريق الأمثل لاستغلال سيولة البنوك


الاثنين 24 ابريل 2017 | 02:00 صباحاً

أكد المصرفيون أن البنوك العاملة فى مصر نجحت فى استثمار حزمة المبادرات التى طرحها البنك المركزى المصرى فى قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل العقارى والسياحة والصناعة فى التخفيف من حدة ارتفاع أسعار الفائدة على التمويل بعد تحرير سعر الصرف، وذلك عن طريق تحقيق أقصى استفادة من السيولة المتاحة لدى هذه البنوك فى تمويل تلك القطاعات فى إطار أسعار الفائدة المخفضة الخاصة بمبادرات المركزى.

ويرى المصرفيون أن الارتفاع فى أسعار الفائدة أمر مؤقت وسوف ينخفض بمجرد استقرار سعر الصرف وانخفاض معدلات التضخم، مؤكدين على أهمية التركيز على توفير العملة الاجنبية خلال الفترة القادمة، خاصة وأن حجم التنازلات من العملة الاجنبية التى شهدها القطاع المصرفى منذ قرار تحرير سعر الصرف وحتى الان كبيرة جدا مما مكن هذه البنوك من تلبية كافة العمليات الاستيرادية والطلبات المعلقة.

فى البداية ، أكد يحيى أبو الفتوح نائب رئيس البنك الأهلى المصرى أن الإصلاحات الاقتصادية تأخرت كثيراً و كان من المفترض ان تتم خلال عام 1977، وجاء عام 2005 ليشهد بعض الاصلاحات التى أدت إلى تحقيق وفورات نقدية بشكل جيد فى العملة الاجنبية وهو ما أعطى للقطاع المصرفى والدولة حافزاً كبيراً على التوسع.

وأضاف أنه بعد ثورة 25 يناير تمت زيادة حجم المرتبات وقامت البنوك بضخ قروض مصرفية تصل إلى 180 مليار جنيه، وبالتالى بلغ حجم السيولة التى تم ضخها فى شرايين الاقتصاد حوالى 600 مليار جنيه ولم يقابلها انتاج يوازى تلك الزيادة، ومن هنا بدأت تزداد الضغوط على العملة الاجنبية، وبالتالى لم نجد أى سبيل أمامنا سوى تحرير سعر الصرف، مشيرا إلى أن الصين تحرص على خفض سعر اليوان لزيادة الصادرات.

واوضح انه تم اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف لوقف النزيف الاقتصادين مشيرا إلى ان حجم ايرادات السياحة، على سبيل المثال، خلال العام الماضى بلغ 3.5 مليار دولار، وذلك مقابل حجم انفاق السياحة الخارجية من مصر مثل العمرة والحج والذى بلغ حوالى 5 مليار دولار، وهو مايعنى ان قطاع السياحة المصدر الاساسى للعملة أصبحت ايراداته، لأول مرة سلبية وليست ايجابية ، وذلك يعود إلى التسعير غير الحقيقى للجنيه المصرى فى الفترة التى سبقت تحرير سعر الصرف.

وقال «أبو الفتوح»: «من المهم خلال الفترة المقبلة التركيز على توفير العملة الاجنبية خاصة فى ظل حجم التنازلات الكبير من العملة الصعبة بعد قرار التعويم والذى ساعد على تغطية الاعتمادات المستندية والطلبات الاستيرادية المعلقة»، مؤكداً أن البنك الأهلى ليس لدية عمليات استيرادية معلقة كما يتم تغطية احتياجات المسافرين للخارج وفتح البطاقات الائتمانية سواء للعلاج أو التعليم أو الصحة وبالتالى ليس من الجائز ان يقوم احد بطلب عملة اجنبية زيادة عن احتياجاته الفعلية.

ويرى «ابو الفتوح» انه لايصح ان تقوم البنوك بمنح تمويلات بفائدة تصل إلى 19٪ على المدى الطويل ، لذا يسعى القطاع المصرفى من خلال مبادرات البنك المركزى ، سواء مبادرة السياحة بفائدة 10٪ أو التمويل العقارى بفائدة 5٪ و7٪ ومبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة 5٪ و7٪ ، إلى تخفيف حدة ارتفاع أسعار الفائدة من خلال التوجه لتمويل هذه القطاعات.

وتوقع نائب رئيس البنك الأهلى المصرى ان تشهد نهاية العام الجارى انطلاقة قوية للاقتصاد المصرى ، مؤكداً على أن عدداً كبيراً من المستثمرين فى الخارج تواصلوا مع البنك من خلال شبكة المراسلين فى الخارج من أجل الاستثمار فى السوق المصرى سواء استثمار مباشر أو غير مباشر، كما بدأ عدد من عملاء البنك الاتجاه نحو الاسواق الافريقية لتصدير المنتجات المصرية اليها.

 ومن جانبه، اوضح عاكف المغربى.. نائب رئيس مجلس ادارة بنك مصر إن أسعار الاقراض corridor lending بالنسبة للشركات الجيدة والمضمونة تتراوح بين 15٪ و17٪ وهى تُعد نسبة مرتفعة الا انها لم تصل إلى 20٪ أو 21٪ وليس معنى ان البنوك تعطى فائدة على الودائع 20٪ ان نقوم برفع أسعار الفائدة على الاقراض إلى 20٪ ايضاً.

واشار إلى ان الشركات الصغيرة المتوسطة بالفعل استفادت من مبادرات البنك المركزى ولكن مازالت نسبة هذه الشركات من المحفظة الائتمانية فى اغلب البنوك صغيرة، مع الوضع فى الاعتبار ان البنك الأهلى المصرى لديه محفظة معقولة بالمقارنة بباقى البنوك لأنه يسبق البنوك فى ذلك القطاع وبدأ فى تمويله منذ فترة طويلة، مؤكدا ان الشركات الصغيرة والمتوسطة ضعيفة ولا تتحمل أسعار الفائدة المرتفعة وبالتالى وجود مباردة البنك المركزى بسعر فائدة 5٪ و7٪ ستنقذ هذه الشركات.

وقال المغربى: «استقرار سعر الصرف، والذى بدأنا نلمسه خلال الفترة الماضية خاصة، سيؤدى لحدوث انخفاض فى أسعار الفائدة»، مؤكدا ان محفظة التمويلات ببنك مصر شهدت انخفاضا خلال شهر ديسمبرالماضى فقط كرد فعل طبيعى لقرار تحرير سعر الصرف، فضلا عن أن بعض الشركات كانت تقوم بغلق مراكزها المالية ولكن سرعان ما بدأ الاداء يتحسن خلال شهر يناير الماضى وفقا لنتائج الاعمال.

ويرى ماجد فهمى.. رئيس مجلس ادارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى إن مبادرات البنك المركزى استهدفت تشجيع قطاعات معينة، مؤكداً أن أسعار الفائدة المرتفعة أمر مؤقت ولن تستمر لفترة طويلة لأن سياسة البنك المركزى دائما ليست سياسات طويلة الأجل، وبالتالى السياسات المالية تتغير وهى سياسات وخطوات إصلاحية تواكبت مع سياسة الاصلاح الاقتصادى، وعندما يتحقق المستهدف منها وتبدأ المؤشرات تتحسن وتعود الموارد النقدية لطبيعتها، ستعود أسعار الفائدة إلى الانخفاض مجددا.

وأكد «فهمى» ان الحديث عن مبادرات التمويل العقارى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة له اغرض اقتصادية وهدف معين وهوتشجيع هذه القطاعات من اجل تخفيف العبء عن كاهل محدودى الدخل عن طريق منحهم التمويل بأسعار فائدة منخفظة تتناسب مع ظروفهم الاجتماعية.

واشار إلى ان المشروعات الصغيرة والمتوسطة تٌعد بمثابة قاطرة التنمية ، لذا تقوم بكافة مؤسساتها واجهزتها بدعم هذا القطاع الحيوي، كما يدعمها البنك المركزى من خلال المبادرات التى أطلقها بعائد 5٪ للمشروعات الصغيرة والمتوسطة و7٪ لصالح المشروعات الصناعية والزراعية.

ويرى أشرف القاضى.. رئيس مجلس إدارة بنك المصرف المتحد إن قيام البنوك بطرح شهادات إدخار بسعر فائدة مرتفع يصل إلى 20٪، انما يهدف فى المقام الأول إلى امتصاص السيولة من السوق، حيث إن سعر الفائدة يُعد أحد السياسات المستخدمة لامتصاص السيولة الزائدة من السوق من اجل تخفيف الضغط على الجنيه المصري، مؤكدا أن الارتفاع فى سعر الفائدة سيكون لفترة محدودة وستعود إلى الانخفاض مرة أخرى بعد انتهاء الطلب المتزايد على الدولار والوصول إلى حالة من التوازن بين العرض والطلب على النقد الأجنبى.

واضاف ان البنوك تقوم بتوظيف السيولة فى أذون الخزانة والسندات الحكومية والقروض المشتركة والمشروعات العملاقة والشركات الكبرى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأشار إلى أن حجم المحفظة التمويلية لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمصرفه تمثل حوالى 15٪ من إجمالى المحفظة الائتمانية ويهدف لزيادتها لتصل إلى أكثر من 20٪ بنهاية عام 2019، وذلك ايمانا من البنك بأهمية الدور الفعال الذى يلعبه هذا القطاع فى دفع عجلة الاقتصاد القومى للأمام وتحقيق التنمية الشاملة.

واوضح القاضى ان مبادرة البنك المركزى المصرى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الاخيرة جاءت لتساند هذا الاتجاه القومى بكل قوة، حيث إن تعظيم دور قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة سيساهم بشكل كبير فى نمو الاقتصاد المصري.

واضاف ان القروض المشتركة بمصرفه تمثل نحو 8٪ من اجمالى المحفظة الائتمانية لصالح مشروعات فى قطاع الكهرباء والطاقة والبترول وجميعها لصالح القطاع العام وبضمان وزارة المالية ، كما تمثل استثمارات البنك فى اذون الخزانة والسندات الحكومية نجو 30٪ من محفظة البنك وتصل نسبة العائد عليها لنجو 15٪.

وأكد محمد أوزالب.. العضو المنتدب والمدير العام التنفيذى لبنك بلوم- مصر أن مبادرات البنك المركزى لها اهميتها ، ولكن بالنسبة للائتمان عموما نجد ان سعر الفائدة هو جزء من التكلفة فى دراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات، وعادة فى العرف الاقتصادى فأن أسعار الفائدة سواء مرتفعة أو منخفضة، ليست العنصر الوحيد لمنح التمويل ، موضحاً أن كيفية الحصول على القرض وموافقة البنك الائتمانية هو ما يهم العميل فى الاساس لان قرار المنح يرتبط بمدى جدية المشروع ، وصحة وسلامة دراسات الجدوى التى يقدمها العميل, واسم العميل فى السوق , وبالتالى يقوم البنك من خلال أدواته الخاصة بعمل تحليل دقيق بالنسبة لدراسات الجدوى ومستقبل المشروع وجدية المستثمر وخبرة الادارة وبالتالى سعر الفائدة ليس المعيار الوحيد فى قرار الائتمان أو خسارة ومكسب المشروع.

وأشار «أوزالب» إلى أنه أثناء أحد الاجتماعات التى قام به اتحاد بنوك مصر منذ عدة سنوات مع مستثمرين فى المناطق الصناعية مثل مدينة العاشر من رمضان و6 اكتوبر، ذكر احد المستثمرين انه توجد مشاكل تعوق الاستثمار اكثر بكثير من مسألة سعر الفائدة، مؤكدا انه لا توجد شركة تحقق خسائر لمجرد ان أسعار الفائدة مرتفعة أو منخفضة ، حيث ان سعر الفائدة جزء من التكلفة العامة ويتم تحميله على المنتج النهائى.

ويرى «أوزالب» أن ارتفاع أسعار الفائدة اثر بشكل طفيف على قطاع التجزئة المصرفية، فمع زيادة أسعار الفائدة يفضل بعض العملاء عدم الشراء بالتقسيط لحين انخفاض سعر الفائدة، موضحاً أن أسعار الفائدة بالنسبة للقروض الاستهلاكية سعر مربوط وليس متغير مثل قروض الشركات.

وأعلن عادل طه.. رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك الاستثمار العربى إن مصرفه يعمل بشكل جيد على تنفيذ مبادرات البنك المركزى خاصة مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعائد 5٪، مؤكداً ان هذه الشريحة لم تتاثر بارتفاع أسعار الفائدة، ودون مبادرة البنك المركزى لكانت هذه الشركات قد عانت كثيراً.

وأضاف أن أسعار الفائدة لم تكن عقبة امام تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإنما العائق الحقيقى يتمثل فى عدم وجود تسهيلات للاستثمار فى هذا القطاع الهام، مشيرا إلى عدم صدور اللائحة التنفيذية للتراخيص المؤقتة وقانون الاستثمار حتى الآن.

وطالب «طه» بضرورة وجود تشريع حقيقى لتشجيع الاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة على ارض الواقع من خلال اقامة المجمعات الصناعية التى تضم هذه المشروعات، لافتا إلى ان ما يهم العميل هو سرعة الحصول على التراخيص والموافقات، وبالتالى سرعة التمويل بغض النظر عن سعر الفائدة والدليل على ذلك ان الشركات والجمعيات الأهلية التى تقوم بتمويل المشروعات المتناهية الصغر تصل سعر الفائدة فيها إلى 26٪.